تنفض رأسها من التراب فمرت بهم، فجلت عن وجوههم، حتى تركتها كأنها الكوكب الدري ثم ولت في الأرض لا يدركها طالب، ولا يعجزها هارب.
حتى أن الرجل يقوم فيتعوذ منها بالصلاة، فتأتيه من خلفه فتقول:
يا فلان الآن تصلي؟ فيقبل عليها بوجهه فتسمه في وجهه، فيتجاور الناس في ديارهم ويصطحبون في أسفارهم، ويشتركون في الأموال يعرف المؤمن من الكافر، فيقال للمؤمن يا مؤمن وللكافر يا كافر (1).
وروي عن وهب أنه قال: وجهها وجه رجل، وسائر خلقها خلق الطير، ومثل ذلك لا يعرف إلا من النبوات الإلهية.
وقوله " تكلمهم " أي تكلمهم بما يسوءهم وهو أنهم يصيرون إلى النار بلسان يفهمونه. وقيل تحدثهم بأن هذا مؤمن وهذا كافر، وقيل: بان تقول لهم: إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، وهو الظاهر.
" ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون " أي يدفعون، وقيل يحبس أولهم على آخرهم.
واستدل بهذه الآية على صحة الرجعة، من ذهب إلى ذلك من الامامية بأن قال: دخول " من " في الكلام يوجب التبعيض، فدل ذلك على أن اليوم المشار إليه يحشر فيه قوم دون قوم، وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه:
" وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا (2).
وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد عليه وعليهم السلام بأن الله سيعيد عند قيام القائم قوما ممن تقدم موتهم من أوليائه وشيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته، ويعيد أيضا قوما من أعدائه لينتقم منهم