يلزم مع ذلك سقوط التكليف عن الخلق لأنه إذا كان سبب الغيبة خوفه على نفسه من الذين أخافوه، فمن أحوجه إلى الاستتار اتي من قبل نفسه في فوت ما يفوته من الشرع، كما أنه اتي من قبل نفسه فيما يفوته من تأديب الامام وتصرفه من حيث أحوجه إلى الاستتار، ولو أزال خوفه لظهر، فيحصل له اللطف بتصرفه وتبين له ما عنده فما انكتم عنه، فإذا لم يفعل وبقي مستترا اتي من قبل نفسه في الامرين وهذا قوي يقتضيه الأصول.
وفي أصحابنا من قال: إن علة استتاره عن أوليائه خوفه من أن يشيعوا خبره، ويتحدثوا باجتماعهم معه سرورا، فيؤدي ذلك إلى الخوف من الأعداء وإن كان غير مقصود. وهذا الجواب يضعف لان عقلاء شيعته لا يجوز أن يخفى عليهم ما في إظهار اجتماعهم معه من الضرر عليه وعليهم فكيف يخبرون بذلك مع علمهم بما عليهم فيه من المضرة العامة، وإن جاز على الواحد والاثنين لا يجوز على جماعة شيعته الذين لا يظهر لهم.
على أن هذا يلزم عليه أن يكون شيعته قد عدموا الانتفاع به على وجه لا يتمكنون من تلافيه وإزالته لأنه إذا علق الاستتار بما يعلم من حالهم أنهم يفعلونه، فليس في مقدورهم الآن ما يقتضي ظهور الإمام وهذا يقتضي سقوط التكليف الذي الامام لطف فيه عنهم.
وفي أصحابنا من قال: علة استتاره عن الأولياء ما يرجع إلى الأعداء، لان انتفاع جميع الرعية من ولي وعدو بالامام إنما يكون بأن ينفذ أمره ببسط يده فيكون ظاهرا متصرفا بلا دافع ولا منازع، وهذا مما المعلوم أن الأعداء قد حالوا دونه ومنعوا منه.
قالوا: ولا فائدة في ظهوره سرا لبعض أوليائه لان النفع المبتغى من تدبير الأمة لا يتم إلا بظهوره للكل ونفوذ الامر، فقد صارت العلة في استتار الامام على الوجه الذي هو لطف ومصلحة للجميع واحدة.
ويمكن أن يعترض هذا الجواب بأن يقال: إن الأعداء وإن حالوا بينه وبين