موجود وأنه كان في عصر النبي صلى الله عليه وآله وأنه باق إلى الوقت الذي يخرج فيه وهو عدو الله فإذا جاز ذلك في عدو الله لضرب من المصلحة فكيف لا يجوز مثله في ولي الله إن هذا من العناد.
أقول: ثم ذكر ره أخبار المعمرين على ما سنذكره ثم قال:
إن كان المخالف لنا في ذلك من يحيل ذلك من المنجمين وأصحاب الطبايع فالكلام لهم في أصل هذه المسالة فان العالم مصنوع وله صانع أجرى العادة بقصر الأعمار وطولا، وأنه قادر على إطالتها وعلى إفنائها فإذا بين ذلك سهل الكلام.
وإن كان المخالف في ذلك من يسلم ذلك غير أنه يقول: هذا خارج عن العادات، فقد بينا أنه ليس بخارج عن جميع العادات، ومتى قالوا خارج عن عاداتنا قلنا وما المانع منه.
فان قيل: ذلك لا يجوز إلا في زمن الأنبياء قلنا نحن ننازع في ذلك وعندنا يجوز خرق العادات على يد الأنبياء والأئمة والصالحين وأكثر أصحاب الحديث يجوزون ذلك وكثير من المعتزلة والحشوية، وإن سموا ذلك كرامات كان ذلك خلافا في عبارة، وقد دللنا على جواز ذلك في كتبنا، وبينا أن المعجز إنما يدل على صدق من يظهر على يده ثم نعلمه نبيا أو إماما أو صالحا بقوله، وكلما يذكرونه من شبههم قد بينا الوجه فيه في كتبنا لا نطول بذكره ههنا.
فأما ما يعرض من الهرم بامتداد الزمان، وعلو السن، وتناقض بنية الانسان فليس مما لابد منه وإنما أجرى الله العادة بأن يفعل ذلك عند تطاول الزمان و لا إيجاب هناك، وهو تعالى قادر أن لا يفعل ما أجرى العادة بفعله، وإذا ثبتت هذه الجملة ثبت أن تطاول الأعمار ممكن غير مستحيل، وقد ذكرنا فيما تقدم عن جماعة أنهم لم يتغيروا مع تطاول أعمارهم وعلو سنهم، وكيف ينكر ذلك من يقر بأن الله تعالى يخلد المؤمنين في الجنة شبانا لا يبلون، وإنما يمكن أن ينازع في ذلك من يجحد ذلك ويسنده إلى الطبيعة وتأثير الكواكب الذي قد دل الدليل على بطلان قولهم باتفاق منا ومن خالفنا في هذه المسألة من أهل الشرع، فسقطت