لا يوصل إليه مثل النبي صلى الله عليه وآله.
ونظير مسألة الامام أن النبي إذا أدى ثم عرض فيما بعد ما يوجب خوفه لا يجب على الله المنع منه، لأن علة المكلفين قد انزاحت بما أداه إليهم فلهم طريق إلى معرفة لطفهم اللهم إلا أن يتعلق به أداء آخر في المستقبل فإنه يجب المنع منه كما يجب في الابتداء، فقد سوينا بين النبي والامام.
فان قيل: بينوا على كل حال وإن لم يجب عليكم وجه علة الاستتار، وما يمكن أن يكون علة على وجه ليكون أظهر في الحجة وأبلغ في باب البرهان؟
قلنا مما يقطع على أنه سبب لغيبة الامام هو خوفه على نفسه بالقتل بإخافة الظالمين إياه ومنعهم إياه من التصرف فيما جعل إليه التدبير والتصرف فيه، فإذا حيل بينه وبين مراده، سقط فرض القيام بالإمامة، وإذا خاف على نفسه وجبت غيبته و لزم استتاره كما استتر النبي صلى الله عليه وآله تارة في الشعب وأخرى في الغار، ولا وجه لذلك إلا الخوف من المضار الواصلة إليه.
وليس لاحد أن يقول: إن النبي صلى الله عليه وآله ما استتر عن قومه إلا بعد أدائه إليهم ما وجب عليه أداؤه ولم يتعلق بهم إليه حاجة وقولكم في الامام بخلاف ذلك وأيضا فان استتار النبي صلى الله عليه وآله ما طال ولا تمادى، واستتار الامام قد مضت عليه الدهور، وانقرضت عليه العصور.
وذلك أنه ليس الامر على ما قالوه لان النبي صلى الله عليه وآله إنما استتر في الشعب والغار بمكة قبل الهجرة وما كان أدى جميع الشريعة فان أكثر الاحكام ومعظم القرآن نزل بالمدينة فكيف أوجبتم أنه كان بعد الأداء ولو كان الامر على ما قالوه من تكامل الأداء قبل الاستتار، لما كان ذلك رافعا للحاجة إلى تدبيره وسياسته وأمره ونهيه، فان أحدا لا يقول إن النبي صلى الله عليه وآله بعد أداء الشرع غير محتاج إليه ولا مفتقر إلى تدبيره، ولا يقول ذلك معاند.
وهو الجواب عن قول من قال إن النبي صلى الله عليه وآله ما يتعلق من مصلحتنا قد أداه وما يؤدي في المستقبل لم يكن في الحال مصلحة للخلق فجاز لذلك الاستتار، وليس