قلنا: الحق على ضربين عقلي وسمعي فالعقلي يصاب بأدلته والسمعي عليه أدلة منصوبة من أقوال النبي صلى الله عليه وآله ونصوصه وأقوال الأئمة من ولده وقد بينوا ذلك وأوضحوه، ولم يتركوا منه شيئا لا دليل عليه، غير أن هذا وإن كان على ما قلناه، فالحاجة إلى الامام قد بينا ثبوتها لان جهة الحاجة المستمرة في كل حال وزمان كونه لطفا لنا على ما تقدم القول فيه، ولا يقوم غيره مقامه، والحاجة المتعلقة بالسمع أيضا ظاهرة لان النقل وإن كان واردا عن الرسول صلى الله عليه وآله وعن آباء الإمام عليه السلام بجميع ما يحتاج إليه في الشريعة فجائز على الناقلين العدول عنه إما تعمدا وإما لشبهة فيقطع النقل أو يبقى فيمن لا حجة في نقله وقد استوفينا هذه الطريقة في تلخيص الشافي فلا نطول بذكره.
فان قيل: لو فرضنا أن الناقلين كتموا: بعض منهم الشريعة واحتيج إلى بيان الامام ولم يعلم الحق إلا من جهته، وكان خوف القتل من أعدائه مستمرا كيف يكون الحال؟ فان قلتم يظهر وإن خاف القتل، فيجب أن يكون خوف القتل غير مبيح له الاستتار، ويلزم ظهوره، وإن قلتم لا يظهر وسقط التكليف في ذلك الشئ المكتوم عن الأمة خرجتم من الاجماع لأنه منعقد على أن كل شئ شرعه النبي صلى الله عليه وآله وأوضحه فهو لازم للأمة إلى أن يقوم الساعة فان قلتم إن التكليف لا يسقط صرحتم بتكليف مالا يطاق، وإيجاب العمل بما لا طريق إليه.
قلنا: قد أجبنا عن هذا السؤال في التلخيص مستوفى وجملته أن الله تعالى لو علم أن النقل ببعض الشرع المفروض ينقطع في حال تكون تقية الامام فيها مستمرة، وخوفه من الأعداء باقيا، لأسقط ذلك عمن لا طريق له إليه، فإذا علمنا بالاجماع أن تكليف الشرع مستمر ثابت على جميع الأمة إلى قيام الساعة علمنا عند ذلك أنه لو اتفق انقطاع النقل لشئ من الشرع لما كان ذلك إلا في حال يتمكن فيها الامام من الظهور والبروز والاعلام والانذار.
وكان المرتضى - ره - يقول أخيرا: لا يمتنع أن يكون هاهنا أمور كثيرة غير واصلة إلينا هي مودعة عند الامام، وإن كان قد كتمها الناقلون ولم ينقلوها، ولم