في بعض العلوم تقصيرا كان كالسبب في أن علم من حاله أن ذلك الشك في الإمامة يقع منه مستقبلا والآن فليس بواقع، فغير لازم أنه يكون كافرا، غير أنه وإن لم يلزم أن يكون كفرا ولا جاريا مجرى تكذيب الامام والشك في صدقه فهو ذنب وخطأ لا ينافيان الايمان واستحقاق الثواب ولن يلحق الولي بالعدو على هذا التقدير، لان العدو في الحال معتقد في الامام ما هو كفر وكبيرة والولي بخلاف ذلك.
وإنما قلنا إن ما هو كالسبب في الكفر لا يجب أن يكون كفرا في الحال أن أحدا لو اعتقد في القادر منا بقدرة أنه يصح أن يفعل في غيره من الأجسام مبتدءا كان ذلك خطأ وجهلا ليس بكفر ولا يمتنع أن يكون المعلوم من حال هذا المعتقد أنه لو ظهر نبي يدعو إلى نبوته، وجعل معجزه أن يفعل الله تعالى على يده جسما بحيث لا يصل إليه أسباب البشر أنه لا يقبله، وهذا لا محالة لو علم أنه معجز كان يقبله، وما سبق من اعتقاده في مقدور العبد، كان كالسبب في هذا، ولم يلزم أن يجري مجراه في الكفر.
فان قيل: إن هذا الجواب أيضا لا يستمر على أصلكم لأن الصحيح من مذهبكم أن من عرف الله تعالى بصفاته وعرف النبوة والإمامة وحصل مؤمنا لا يجوز أن يقع منه كفر أصلا فإذا ثبت هذا فكيف يمكنكم أن تجعلوا علة الاستتار عن الولي أن المعلوم من حاله أنه إذا ظهر الامام فظهر علم معجز شك فيه ولا يعرفه، وإن الشك في ذلك كفر. وذلك ينقض أصلكم الذي صححتموه.
قيل: هذا الذي ذكرتموه ليس بصحيح لأن الشك في المعجز الذي يظهر على يد الامام ليس بقادح في معرفته لعين الامام على طريق الجملة وإنما يقدح في أن ما علم على طريق الجملة وصحت معرفته، هل هو هذا الشخص أم لا؟
والشك في هذا ليس بكفر لأنه لو كان كفرا لوجب أن يكون كفرا وإن لم يظهر المعجز، فإنه لا محالة قبل ظهور هذا المعجز على يده شاك فيه، ويجوز كونه إماما وكون غيره كذلك، وإنما يقدح في العلم الحاصل له على طريق الجملة