الظهور على وجه التصرف والتدبير، فلم يحولوا بينه وبين لقاء من شاء من أوليائه على سبيل الاختصاص، وهو يعتقد طاعته ويوجب اتباع أوامره، فإن كان لا نفع في هذا اللقاء لأجل الاختصاص لأنه نافذ الامر للكل فهذا تصريح بأنه لا انتفاع للشيعة الإمامية بلقاء أئمتها من لدن وفاة أمير المؤمنين إلى أيام الحسن بن علي إلى القائم عليه السلام لهذه العلة.
ويوجب أيضا أن يكون أولياء أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته لم يكن لهم بلقائه انتفاع قبل انتقال الامر إلى تدبيره وحصوله في يده وهذا بلوغ من قائله إلى حد لا يبلغه متأمل، على أنه لو سلم أن الانتفاع بالامام لا يكون إلا مع الظهور لجميع الرعية ونفوذ أمره فيهم لبطل قولهم من وجه آخر وهو أنه يؤدي إلى سقوط التكليف الذي الامام لطف فيه عن شيعته لأنه إذا لم يظهر لهم العلة لا يرجع إليهم ولا كان في قدرتهم وإمكانهم إزالته فلا بد من سقوط التكليف عنهم لأنه لو جاز أن يمنع قوم من المكلفين غيرهم لطفهم، ويكون التكليف الذي ذلك اللطف لطف فيه مستمرا عليهم، لجاز أن يمنع بعض المكلفين غيره بقيد وما أشبهه من المشي على وجه لا يمكن من إزالته، ويكون تكليف المشي مع ذلك مستمرا على الحقيقة.
وليس لهم أن يفرقوا بين القيد وبين اللطف من حيث كان القيد يتعذر معه الفعل ولا يتوهم وقوعه وليس كذلك فقد اللطف لان أكثر أهل العدل على أن فقد اللطف كفقد القدرة والآلة وأن التكليف مع فقد اللطف فيمن له لطف معلوم كالتكليف مع فقد القدرة والآلة ووجود الموانع، وأن من لم يفعل له اللطف ممن له لطف معلوم غير مزاح العلة في التكليف كما أن الممنوع غير مزاح العلة.
والذي ينبغي أن يجاب عن السؤال الذي ذكرناه عن المخالف أن نقول: إنا أولا لا نقطع على استتاره عن جميع أوليائه بل يجوز أن يظهر لأكثرهم ولا يعلم كل انسان إلا حال نفسه، فإن كان ظاهرا له فعلته مزاحة وإن لم يكن ظاهرا له علم أنه إنما لم يظهر له لامر يرجع إليه وإن لم يعلمه مفصلا لتقصير من جهته وإلا لم يحسن تكليفه.