حتى بلغ وكان من أمره ما كان، وما كان من قصة موسى عليه السلام وأن ألقته في البحر خوفا عليه وإشفاقا من فرعون عليه وذلك مشهور نطق به القرآن ومثل ذلك قصة صاحب الزمان سواء فكيف يقال إن هذا خارج عن العادات.
ومن الناس من يكون له ولد من جارية يستترها من زوجته برهة من الزمان حتى إذا حضرته الوفاة أقر به وفي الناس من يستتر أمر ولده خوفا من أهله أن يقتلوه طمعا في ميراثه، قد جرت العادات بذلك فلا ينبغي أن يتعجب من مثله في صاحب الزمان وقد شاهدنا من هذا الجنس كثيرا وسمعنا منه غير قليل فلا نطول بذكره لأنه معلوم بالعادات وكم وجدنا من ثبت نسبه بعد موت أبيه بدهر طويل ولم يكن أحد يعرفه إذا شهد بنسبه رجلان مسلمان ويكون أشهدهما على نفسه سرا عن أهله وخوفا من زوجته وأهله فوصى به فشهدا بعد موته أو شهدا بعقده على امرأة عقدا صحيحا فجاءت بولد يمكن أن يكون منه فوجب بحكم الشرع إلحاقه به والخبر بولادة ابن الحسن وارد من جهات أكثر مما يثبت الأنساب في الشرع ونحن نذكر طرفا من ذلك فيما بعد إنشاء الله تعالى.
وأما إنكار جعفر بن علي عم صاحب الزمان شهادة الامامية بولد لأخيه الحسن بن علي ولد في حياته، ودفعه بذلك وجوده بعده وأخذه تركته وحوزه ميراثه وما كان منه في حمله سلطان الوقت على حبس جواري الحسن واستبذالهن بالاستبراء من الحمل ليتأكد نفيه لولد أخيه وإباحته دماء شيعته بدعواهم خلفا له بعده كان أحق بمقامه، فليس لشبهة يعتمد على مثلها أحد من المحصلين لاتفاق الكل على أن جعفرا لم يكن له عصمة كعصمة الأنبياء فيمتنع عليه لذلك إنكار حق ودعوى باطل، بل الخطاء جائز عليه، والغلط غير ممتنع منه، وقد نطق القرآن بما كان من ولد يعقوب مع أخيهم يوسف وطرحهم إياه في الجب وبيعهم إياه بالثمن البخس وهم أولاد الأنبياء. وفي الناس من يقول: كانوا أنبياء، فإذا جاز منهم مثل ذلك مع عظم الخطاء فيه فلم لا يجوز مثله من جعفر بن علي مع ابن أخيه، وأن يفعل معه من الجحد طمعا