يغب مع عصمته وتعين فرض الإمامة فيه وعليه، إلا لسبب سوغه ذلك وضرورة ألجأته إليه، وإن لم يعلم على وجه التفصيل، وجرى ذلك مجرى الكلام في إيلام الأطفال والبهائم وخلق المؤذيات والصور والمشينات ومتشابه القرآن إذا سئلنا عن وجهها بأن نقول: إذا علمنا أن الله تعالى حكيم لا يجوز أن يفعل ما ليس بحكمة ولا صواب، علمنا أن هذه الأشياء لها وجه حكمة، وإن لم نعلمه معينا، كذلك نقول في صاحب الزمان فانا نعلم أنه لم يستتر إلا لامر حكمي سوغه ذلك، وإن لم نعلمه مفصلا.
فان قيل: نحن تعترض قولكم في إمامته بغيبته بأن نقول: إذا لم يمكنكم بيان وجه حسنها دل ذلك على بطلان القول بإمامته، لأنه لو صح لأمكنكم بيان وجه الحسن فيه. قلنا: إن لزمنا ذلك لزم جميع أهل العدل قول الملاحدة إذا قالوا إنا نتوصل بهذه الأفعال التي ليست بظاهر الحكمة إلى أن فاعلها ليس بحكيم لأنه لو كان حكيما لأمكنكم بيان وجه الحكمة فيها وإلا فما الفصل؟
فإذا قلتم: نحن أولا نتكلم في إثبات حكمته فإذا ثبت بدليل منفصل ثم وجدنا هذه الأفعال المشتبهة الظاهر حملناها على ما يطابق ذلك فلا يؤدي إلى نقض ما علمنا ومتى لم يسلموا لنا حكمته، انتقلت المسألة إلى القول في حكمته. قلنا مثل ذلك ههنا، من أن الكلام في غيبته فرع على إمامته وإذا علمنا إمامته بدليل وعلمنا عصمته بدليل آخر وعلمناه غاب، حملنا غيبته على وجه يطابق عصمته فلا فرق بين الموضعين.
ثم يقال للمخالف: أيجوز أن يكون للغيبة سبب صحيح اقتضاها، ووجه من الحكمة أوجبها أم لا يجوز ذلك.
فان قال: يجوز ذلك، قيل له: فإذا كان ذلك جائزا فكيف جعلت وجود الغيبة دليلا على فقد الامام في الزمان، مع تجويزك لها سببا لا ينافي وجود الامام؟
وهل يجري ذلك إلا مجرى من توصل بايلام الأطفال إلى نفي حكمة الصانع وهو معترف بأنه يجوز أن يكون في إيلامهم وجه صحيح لا ينافي الحكمة، أو من