وقام مسرعا فضرب بيده إلى سيفه، وحلف أنه يقطعه بهذا السيف ما بقي في يده وصار إليه.
قالت: فندمت عند ذلك فقلت في نفسي: ما صنعت هلكت وأهلكت، قالت: فعدوت خلفه لأنظر ما يصنع، فدخل إليه، وهو نائم فوضع فيه السيف فقطعه قطعة قطعة، ثم وضع سيفه على حلقه فذبحه، وأنا أنظر إليه وياسر الخادم، وانصرف وهو يزبد (1) مثل الجمل قالت: فلما رأيت ذلك هربت على وجهي حتى رجعت إلى منزل أبي فبت بليلة لم أنم فيها إلى أن أصبحت، قال:
فلما أصبحت دخلت إليه وهو يصلي، وقد أفاق من السكر، فقلت له:
يا أمير المؤمنين هل تعلم ما صنعت الليلة؟ قال: لا والله فما الذي صنعت ويلك؟ قلت:
فإنك صرت إلى ابن الرضا عليهما السلام وهو نائم فقطعته إربا إربا، وذبحته بسيفك وخرجت من عنده، قال: ويلك ما تقولين؟ قلت: أقول ما فعلت، فصاح: يا ياسر ما تقول هذه الملعونة ويلك؟ قال: صدقت في كل ما قالت: قال: إنا لله وإنا إليه راجعون هلكنا وافتضحنا، ويلك يا ياسر بادر إليه وائتني بخبره.
فركض ثم عاد مسرعا فقال: يا أمير المؤمنين البشرى قال: وما وراك؟
قال: دخلت فإذا هو قاعد يستاك، وعليه قميص ودواج (2) فبقيت متحيرا في أمره ثم أردت أن أنظر إلى بدنه هل فيه شئ من الأثر فقلت له: أحب أن تهب لي هذا القميص الذي عليك لأتبرك فيه، فنظر إلى وتبسم كأنه علم ما أردت بذلك فقال:
أكسوك كسوة فاخرة فقلت: لست أريد غير هذا القميص الذي عليك فخلعه وكشف بدنه كله فوالله ما رأيت أثرا. فخر المأمون ساجدا ووهب لياسر ألف دينار وقال:
الحمد لله الذي لم يبتلني بدمه.
ثم قال: يا ياسر كلما كان من مجئ هذه الملعونة إلي وبكائها بين يدي فأذكره وأما مصيري إليه فلست أذكره، فقال ياسر: والله ما زلت تضربه بالسيف