وأخبرني يا أبا الهذيل عن عمر لما طعن دخل عليه عبد الله بن العباس قال: فرأيته جزعا فقلت يا أمير المؤمنين ما هذا الجزع؟ فقال: يا ابن عباس ما جزعي لأجلي ولكن جزعي لهذا الامر من يليه بعدي، قال: قلت: ولها طلحة بن عبيد الله قال: رجل له حدة كان النبي صلى الله عليه وآله يعرفه، فلا أولي أمور المسلمين حديدا.
قال: قلت: ولها الزبير بن العوام، قال: رجل بخيل رأيته يماكس امرأته في كبة من غزل، فلا أولي أمور المسلمين بخيلا، قال، قلت: ولها سعد بن أبي وقاص قال: رجل صاحب فرس وقوس، وليس من أحلاس الخلافة، قلت: ولها عبد الرحمن ابن عوف، قال رجل: ليس يحسن أن يكفي عياله، قال: قلت: ولها عبد الله بن عمر فاستوى جالسا وقال: يا ابن عباس ما والله أردت بهذا، أولي رجلا لم يحسن أن يطلق امرأته.
قلت: ولها عثمان بن عفان فقال: والله لئن وليته ليحملن آل أبي معيط على رقاب المسلمين، وأوشك إن فعلنا أن يقتلوه - قالها ثلاثا.
قال: ثم سكت لما أعرف من معاندته لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب فقال لي: يا ابن عباس أذكر صاحبك، قال: قلت: ولها عليا قال: والله ما جزعي إلا لما أخذت الحق من أربابه، والله لئن وليته ليحملنهم على المحجة العظمى وإن يطيعوه يدخلهم الجنة.
فهو يقول هذا ثم صيرها شورى بين الستة، فويل له من ربه.
قال أبو الهذيل بينا هو يكلمني إذا اختلط وذهب عقله فأخبرت المأمون بقصته وكان من قصته أن ذهب بماله وضياعه حيلة وغدرا، فبعث إليه المأمون فجاء به وعالجه وكان قد ذهب عقله بما صنع به، فرد عليه ماله وضياعه وصيره نديما، فكان المأمون يتشيع لذلك والحمد لله على كل حال (1).