فقطعوا عليه الطريق فأخذوها، فقال لهم: إنها تراد لله عز وجل وهي محرمة عليكم فحلف أن لا يبيعها أو يعطونه بعضها، فيكون في كفنه فأعطوه فرد كم كان في أكفانه.
وكتب قصيدته " مدارس آيات " فيما يقال على ثوب وأحرم فيه، وأمر بأن يكون في كفنه، ولم يزل دعبل مرهوب اللسان ويخاف من هجائه الخلفاء.
قال ابن المدبر: لقيت دعبلا فقلت له: أنت أجسر الناس حيث تقول في المأمون:
إني من القوم الذين سيوفهم * قتلت أخاك وشرفتك بمقعد رفعوا محلك بعد طول خموله * واستنقذوك من الحضيض الأوهد فقال لي: يا أبا إسحاق إني أحمل خشبتي مذ أربعين سنة ولا أجد من يصلبني عليها (1).
15 - رجال الكشي: قال أبو عمرو: قد بلغني أن دعبل بن علي الخزاعي وفد على أبي الحسن الرضا عليه السلام بخراسان فلما دخل عليه قال إني قد قلت قصيدة وجعلت في نفسي أن لا أنشدها أحدا أولى منك فقال هاتها فأنشد قصيدته التي يقول فيها:
ألم تر أني مذ ثلاثون حجة * أروح وأغدو دائم الحسرات أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات فلما فرغ من إنشاده قام أبو الحسن عليه السلام ودخل منزله وبعث بخرقة فيها ست مائة دينار، وقال للجارية: قولي له يقول لك مولاي استعن بهذه على سفرك وأعذرنا، فقال لها دعبل: لا والله ما هذا أردت ولا له خرجت، ولكن قولي له:
هب لي ثوبا من ثيابك، فردها أبو الحسن عليه السلام وقال له خذها وبعث إليه بجبة من ثيابه، فخرج دعبل حتى ورد قم فنظروا إلى الجبة فأعطوه فيها ألف دينار فأبى عليهم وقال: لا والله ولا خرقة منها بألف دينار ثم خرج من قم فاتبعوه وقد جمعوا عليه وأخذوا الجبة، فرجع إلى قم وكلمهم فيها فقالوا: ليس إليها سبيل ولكن إن شئت فهذه ألف دينار، فقال: نعم وخرقة منها فأعطوه ألف دينار وخرقة منها (2).