فقال: ما صنعتم؟ قالوا: فعلنا ما أمرتنا به يا أمير المؤمنين، قال: لا تعيدوا شيئا مما كان، فلما كان عند تبلج الفجر، خرج المأمون فجلس مجلسه مكشوف الرأس محلل الأزرار، وأظهر وفاته وقعد للتعزية، ثم قام حافيا فمشى لينظر إليه وأنا بين يديه فلما دخل عليه حجرته سمع همهمة فأرعد ثم قال: من عنده؟
قلت: لا علم لنا يا أمير المؤمنين فقال: أسرعوا وانظروا، قال صبيح: فأسرعنا إلى البيت فإذا سيدي عليه السلام جالس في محرابه يصلي ويسبح.
فقلت: يا أمير المؤمنين هو ذا نرى شخصا في محرابه يصلي ويسبح، فانتقض المأمون وارتعد، ثم قال: غررتموني لعنكم الله، ثم التفت إلي من بين الجماعة فقال لي: يا صبيح أنت تعرفه، فانظر من المصلي عنده؟ قال صبيح: فدخلت وتولى المأمون راجعا فلما صرت عند عتبة الباب قال لي: يا صبيح قلت لبيك: يا مولاي وقد سقطت لوجهي فقال: قم يرحمك الله يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون.
قال: فرجعت إلى المأمون فوجدت وجهه كقطع الليل المظلم، فقال لي:
يا صبيح ما وراك؟ قلت له: يا أمير المؤمنين هو والله جالس في حجرته، وقد ناداني وقال لي كيت وكيت، قال: فشد أزراره وأمر برد أثوابه، وقال: قولوا: إنه كان غشي عليه وأنه قد أفاق.
قال هرثمة فأكثرت لله عز وجل شكرا وحمدا، ثم دخلت على سيدي الرضا عليه السلام فلما رآني قال: يا هرثمة لا تحدث بما حدثك به صبيح أحدا إلا من امتحن الله قلبه للايمان بمحبتنا وولايتنا، فقلت: نعم يا سيدي ثم قال لي عليه السلام:
يا هرثمة والله لا يضرنا كيدهم شيئا حتى يبلغ الكتاب أجله (1).
19 - أقول: روى السيد المرتضى في كتاب العيون والمحاسن عن الشيخ المفيد رضي الله عنهما قال: روي أنه لما سار المأمون إلى خراسان وكان معه الرضا علي