فالتفت الرضا عليه السلام إلى رأس الجالوت واحتج عليه بالتوراة والزبور وكتاب شعيا وحيقوق حتى أقحم ولم يحر جوابا.
ثم دعا عليه السلام بالهربذ الأكبر واحتج عليه حتى انقطع هربذ مكانه.
فقال الرضا عليه السلام: يا قوم إن كان فيكم أحد يخالف الاسلام وأراد أن يسأل فليسأل غير محتشم فقام إليه عمران الصابي وكان واحدا في المتكلمين فقال:
يا عالم الناس لولا أنك دعوت إلى مسألتك لم أقدم عليك بالمسائل، فلقد دخلت الكوفة والبصرة، والشام والجزيرة، ولقيت المتكلمين فلم أقع على أحد يثبت لي واحدا ليس غيره قائما بوحدانيته أفتأذن أن أسألك؟ قال الرضا عليه السلام: إن كان في الجماعة عمران الصابي فأنت هو، قال: أنا هو، قال: سل يا عمران، وعليك بالنصفة وإياك والخطل والجور، فقال: والله يا سيدي ما أريد إلا أن تثبت لي شيئا أتعلق به، فلا أجوزه، قال: سل عما بدا لك.
فازدحم الناس وانضم بعضهم إلى بعض، فاحتج الرضا عليه السلام عليه وطال الكلام بينهما إلى الزوال فالتفت الرضا عليه السلام إلى المأمون، فقال: الصلاة قد حضرت فقال عمران: يا سيدي لا تقطع علي مسألتي فقد رق قلبي قال الرضا عليه السلام:
نصلي ونعود، فنهض ونهض المأمون، فصلى الرضا عليه السلام داخلا وصلى الناس خارجا خلف محمد بن جعفر، ثم خرجا فعاد الرضا عليه السلام إلى مجلسه ودعا بعمران، فقال:
سل يا عمران، فسأله عن الصانع تعالى وصفاته وأجيب إلى أن قال: أفهمت يا عمران؟ قال: نعم، يا سيدي قد فهمت، وأشهد أن الله على ما وصفت، ووحدت، و أن محمدا عبده المبعوث بالهدى ودين الحق، ثم خر ساجدا نحو القبلة وأسلم (1).
قال الحسن بن محمد النوفلي، فلما نظر المتكلمون إلى كلام عمران الصابي وكان جدلا لم يقطعه عن حجته أحد قط لم يدن من الرضا عليه السلام أحد منهم، ولم يسألوه عن شئ، وأمسينا، فنهض المأمون والرضا عليه السلام فدخلا، وانصرف الناس وكنت مع جماعة من أصحابنا إذ بعث إلي محمد بن جعفر فأتيته فقال لي: يا نوفلي