باطل، فإذا كان كذلك فلا بد من دليل على ما يحق منها، ليعتقد، وينفى خلافه فإذا كان دليل الخبر في نفسه حقا كان أولى ما أعتقده وآخذ به.
وروايتك هذه من الاخبار التي أدلتها باطلة في نفسها، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله أحكم الحكماء وأولى الخلق بالصدق، وأبعد الناس من الامر بالمحال، وحمل الناس على التدين بالخلاف، وذلك أن هذين الرجلين لا يخلو من أن يكونا متفقين من كل جهة أو مختلفين، فان كانا متفقين من كل جهة كانا واحدا في العدد والصفة والصورة والجسم، وهذا معدوم أن يكون اثنان بمعنى واحد من كل جهة، وإن كانا مختلفين فكيف يجوز الاقتداء بهما، وهذا تكليف مالا يطاق لأنك إن اقتديت بواحد خالفت الآخر.
والدليل على اختلافهما أن أبا بكر سبى أهل الردة وردهم عمر أحرارا وأشار عمر على أبي بكر بعزل خالد وبقتله بمالك بن نويرة فأبى أبو بكر عليه وحرم عمر المتعة ولم يفعل ذلك أبو بكر ووضع عمر ديوان العطية ولم يفعله أبو بكر و استخلف أبو بكر ولم يفعل ذلك عمر ولهذا نظائر كثيرة.
قال الصدوق رضي الله عنه: في هذا فصل لم يذكره المأمون لخصمه وهو أنهم لم يرووا أن النبي صلى الله عليه وآله قال: اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر، وإنما رووا " أبو بكر وعمر " ومنهم من روى " أبا بكر وعمر " فلو كانت الرواية صحيحة لكان معنى قوله بالنصب: اقتدوا بالذين من بعدي كتاب الله والعترة يا أبا بكر وعمر، ومعنى قوله بالرفع: اقتدوا أيها الناس وأبو بكر وعمر بالذين من بعدي كتاب الله والعترة رجعنا إلى حديث المأمون.
فقال آخر من أصحاب الحديث: فان النبي صلى الله عليه وآله قال " لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ".
فقال المأمون: هذا مستحيل من قبل أن رواياتكم أنه صلى الله عليه وآله آخى بين أصحابه وأخر عليا فقال عليه السلام له في ذلك فقال: ما أخرتك إلا لنفسي فأي الروايتين ثبتت بطلت الأخرى.