عظيما، ثم تنحى الأسد إلى جانب الطريق وحول أبو الحسن وجهه إلى القبلة و جعل يدعو ثم حرك شفتيه بما لم أفهمه ثم أومأ إلى الأسد بيده أن امض، فهمهم الأسد همهمة طويلة وأبو الحسن يقول آمين آمين، وانصرف الأسد حتى غاب عن أعيننا، ومضى أبو الحسن لوجهه واتبعته.
فلما بعدنا عن الموضع لحقته فقلت: جعلت فداك ما شأن هذا الأسد فلقد خفته والله عليك وعجبت من شأنه معك، قال: إنه خرج يشكو عسر الولادة على لبوته وسألني أن أدعو الله ليفرج عنها ففعلت ذلك والقي في روعي أنها ولدت له ذكرا فخبرته بذلك فقال لي: امض في حفظ الله فلا سلط الله عليك وعلى ذريتك وعلى أحد من شيعتك شيئا من السباع فقلت: آمين (1).
بيان: أحجم عنه كف أو نكص هيبة، واللبوة أنثى الأسد.
68 - مناقب ابن شهرآشوب: روي عن عيسى شلقان قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام وأنا أريد أن أسأله عن أبي الخطاب فقال لي مبتدءا من قبل أن أجلس: ما منعك أن تلقى ابني موسى فتسأله عن جميع ما تريد؟ قال عيسى: فذهبت إلى العبد الصالح عليه السلام و هو قاعد في الكتاب وعلى شفتيه أثر المداد فقال لي مبتدءا: يا عيسى إن الله أخذ ميثاق النبيين على النبوة فلم يتحولوا عنها، وأخذ ميثاق الوصيين على الوصية فلم يتحولوا عنها أبدا، وإن قوما إيمانهم عارية، وإن أبا الخطاب ممن أعير الايمان فسلبه الله إياه، فضممته إلي وقبلت ما بين عينيه وقلت: ذرية بعضها من بعض.
ثم رجعت إلى الصادق عليه السلام فقال: ما صنعت؟ قلت: أتيته فأخبرني مبتدءا من غير أن أسأله عن جميع ما أردت، فعلمت عند ذلك أنه صاحب هذا الامر، فقال:
يا عيسى إن ابني هذا الذي رأيت لو سألته عما بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم ثم أخرجه ذلك اليوم من الكتاب (2).