بخيل ولا ركاب فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله " وآت ذا القربى حقه " (1) فلم يدر رسول الله صلى الله عليه وآله من هم، فراجع في ذلك جبرئيل، وراجع جبرئيل عليه السلام ربه، فأوحى الله إليه أن ادفع فدك إلى فاطمة عليها السلام.
فدعاها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لها: يا فاطمة إن الله أمرني أن أدفع إليك فدك فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فلما ولى أبو بكر أخرج عنها وكلاءها فأتته فسألته أن يردها عليها فقال لها:
ايتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك، فجاءت بأمير المؤمنين عليه السلام وأم أيمن فشهدا لها، فكتب لها بترك التعرض، فخرجت والكتاب معها.
فلقيها عمر فقال: ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت: كتاب كتب لي ابن أبي قحافة قال: أرينيه فأبت، فانتزعه من يدها ونظر فيه، ثم تفل فيه ومحاه وخرقه فقال لها: هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب فضعي الجبال في رقابنا.
فقال له المهدي: يا أبا الحسن حدها إلي فقال: حد منها جبل أحد وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل، فقال له: كل هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين هذا كله إن هذا كله مما لم يوجف أهله على رسول الله بخيل ولا ركاب فقال: كثير وأنظر فيه (2).
بيان: قوله: فضعي الجبال في بعض النسخ بالحاء المهملة ويحتمل أن يكون حينئذ كناية عن الترافع إلى الحكام بأن يكون لعنه الله قال ذلك تعجيزا لها وتحقيرا لشأنها أو المعنى أنك إذا أعطيت ذلك وضعت الحبال على رقابنا بالعبودية، أو أنك إذا حكمت على ما لم يوجف عليها بخيل بأنها ملكك فاحكمي على رقابنا أيضا بالملكية وفي بعض النسخ بالجيم أي إن قدرت على وضع الجبال على رقابنا جزاءا بما صنعنا فافعلي، ويحتمل أن يكون على هذا كناية عن ثقل الآثام والأوزار.