وهو مذعور فجعل يلتفت يمينا وشمالا، وقرطاه يتذبذبان، فحمل عليه هانئ بن ثبيت فقتله فصارت شهربانو تنظر إليه ولا تتكلم كالمدهوشة ثم التفت الحسين عن يمينه فلم ير أحدا من الرجال، والتفت عن يساره فلم ير أحدا، فخرج علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام وكان مريضا لا يقدر أن يقل سيفه وأم كلثوم تنادي خلفه: يا بني ارجع فقال: يا عمتاه ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول الله، فقال الحسين عليه السلام: يا أم كلثوم خذيه لئلا تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد صلى الله عليه وآله ولما فجع الحسين بأهل بيته وولده، ولم يبق غيره وغير النساء والذراري نادى: هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله؟ هل من موحد يخاف الله فينا؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا؟ وارتفعت أصوات النساء بالعويل فتقدم عليه السلام إلى باب الخيمة فقال: ناولوني عليا ابني الطفل حتى أودعه، فناولوه الصبي وقال المفيد: دعا ابنه عبد الله (1) قالوا: فجعل يقبله وهو يقول: ويل لهؤلاء القوم إذا كان جدك محمد المصطفى خصمهم، والصبي في حجره، إذ رماه حرملة بن كاهل الأسدي بسهم فذبحه في حجر الحسين، فتلقى الحسين دمه حتى امتلأت كفه، ثم رمى به إلى السماء وقال السيد: ثم قال: هون علي ما نزل بي أنه بعين الله، قال الباقر عليه السلام:
فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض (2)