ابن محمد بن عبد الحميد، قال: دخلت على إبراهيم الديزج وكنت جاره أعوده في مرضه الذي مات فيه، فوجدته بحال سوء وإذا هو كالمدهوش، وعنده الطبيب فسألته عن حاله، وكانت بيني وبينه خلطة وانس توجب الثقة بي والانبساط إلي فكاتمني حاله، وأشار إلى الطبيب فشعر الطبيب بإشارته ولم يعرف من حاله ما يصف له من الدواء ما يستعمله، فقام فخرج، وخلا الموضع، فسألته عن حاله فقال:
أخبرك والله وأستغفر الله إن المتوكل أمرني بالخروج إلى نينوى إلى قبر الحسين عليه السلام فأمرنا أن نكر به ونطمس أثر القبر، فوافيت الناحية مساء ومعنا الفعلة والدر كاريون (1) معهم المساحي والمرود فتقدمت إلى غلماني وأصحابي أن يأخذوا الفعلة بخراب القبر، وحرث أرضه، فطرحت نفسي لما نالني من تعب السفر ونمت فذهب بي النوم، فإذا ضوضاء شديد، وأصوات عالية، وجعل الغلمان ينبهوني فقمت وأنا ذعر، فقلت للغلمان: ما شأنكم؟ قالوا: أعجب شأن، قلت: وما ذاك؟
قالوا: إن بموضع القبر قوما قد حالوا بيننا وبين القبر وهم يرموننا مع ذلك بالنشاب فقمت معهم لأتبين الامر، فوجدته كما وصفوا، وكان ذلك في أول الليل من ليالي البيض، فقلت: ارموهم فرموا فعادت سهامنا إلينا فما سقط سهم منا إلا في صاحبه الذي رمى به، فقتله.
فاستوحشت لذلك وجزعت، وأخذتني الحمى والقشعريرة، ورحلت عن القبر لوقتي، ووطنت نفسي على أن يقتلني المتوكل لما لم أبلغ في القبر جميع ما تقدم إلي به، قال أبو برزة: فقلت له: قد كفيت ما تحذر من المتوكل قد قتل بارحة الأولى، وأعان عليه في قتله المنتصر، فقال لي: قد سمعت بذلك، وقد نالني في جسمي ما لا أرجو معه البقاء، قال أبو برزة: كان هذا في أول النهار، فما أمسى الديزج حتى مات.
قال ابن حشيش: قال أبو المفضل إن المنتصر سمع أباه يشتم فاطمة فسأل