حيث لم تنكروا ما أجرى سلطانكم إليه، قلت: وما جرى؟ قال: أيكرب قبر ابن النبي ويحرث أرضه؟ قلت: وأين القبر؟ قال: هاهو ذا أنت واقف في أرضه، فأما القبر فقد عمي عن أن يعرف موضعه.
قال أبو بكر بن عياش: وما كنت رأيت القبر ذلك الوقت قط ولا أتيته في طول عمري، فقلت: من لي بمعرفته؟ فمضى معي الشيخ حتى وقف بي على حير (1) له باب وآذن وإذا جماعة كثيرة على الباب، فقلت للآذن: أريد الدخول على ابن رسول الله، فقال: لا تقدر على الوصول في هذا الوقت، قلت: ولم؟ قال: هذا وقت زيارة إبراهيم خليل الله، ومحمد رسول الله، ومعهما جبرئيل وميكائيل، في رعيل من الملائكة كثير.
قال أبو بكر بن عياش، فانتبهت وقد دخلني روع شديد وحزن وكآبة ومضت بي الأيام حتى كدت أن أنسى المنام، ثم اضطررت إلى الخروج إلى بني غاضرة لدين كان لي على رجل منهم، فخرجت وأنا لا أذكر الحديث حتى صرت بقنطرة الكوفة لقيني عشرة من اللصوص فحين رأيتهم، ذكرت الحديث ورعبت من خشيتي لهم، فقالوا لي: الق ما معك وانج بنفسك، وكانت معي نفيقة فقلت:
ويحكم أنا أبو بكر بن عياش وإنما خرجت في طلب دين لي والله (و) الله لا تقطعوني عن طلب ديني وتصرفاتي في نفقتي فاني شديد الإضافة، فنادى رجل منهم مولاي ورب الكعبة، لا يعرض له، ثم قال لبعض فتيانهم: كن معه حتى تصير به إلى الطريق الأيمن.
قال أبو بكر: فجعلت أتذكر ما رأيته في المنام وأتعجب من تأويل الخنازير حتى صرت إلى نينوى، فرأيت والله الذي لا إله إلا هو الشيخ الذي كنت رأيته في منامي بصورته وهيئته، رأيته في اليقظة كما رأيته في المنام سواء، فحين رأيته ذكرت الامر والرؤيا، فقلت: لا إله إلا الله! ما كان هذا إلا وحيا ثم سألته كمسألتي إياه في المنام فأجابني بما كان أجابني ثم قال لي: امض بنا، فمضيت