عمومه، فإذا فسد قول من قصر القول على المنزلة الواحدة - لما سنذكره - وبطل وجب عمومه، لان أحدا لم يقل بصحة تعديه مع الشك في عمومه، بل القول بأنه مما يصح أن يتعدى وليس بعام خروج عن الاجماع.
فإن قال: وبأي شئ تفسدون أن يكون الخبر مقصورا على منزلة واحدة؟ قيل له: أما ما تدعي من السبب الذي هو إرجاف المنافقين (1) ووجوب حمل الكلام عليه وأن لا يتعداه فيبطل من وجوه:
منها أن ذلك غير معلوم على حد نفس الخبر بل غير معلوم أصلا، وإنما وردت به أخبار آحاد، وأكثر الاخبار واردة بخلافه، وأن أمير المؤمنين عليه السلام لما خلفه النبي صلى الله عليه وآله بالمدينة في غزوة تبوك كره أن يتخلف عنه وأن ينقطع عن العادة التي كان يجري عليه السلام عليها في مواساته له بنفسه وذبه الأعداء عن وجهه، فلحق به وسكن إليه ما يجده من ألم الوحشة، فقال له هذا القول، وليس لنا أن نخصص خبرا معلوما بأمر غير معلوم، على أن كثيرا من الروايات قد أتت بأن النبي صلى الله عليه وآله قال له: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " في أماكن مختلفة وأحوال شتى (2)، وليس لنا أيضا أن نخصه بغزاة تبوك دون غيرها، بل الواجب القطع على الخبر والرجوع إلى ما يقتضيه، والشك فيما لم تثبت صحته من الأسباب والأحوال.
ومنها أن الذي يقتضيه السبب مطابقة القول له، وليس يقتضي مع مطابقته له أن لا يتعداه، وإذا كان السبب ما يدعونه من إرجاف المنافقين واستثقاله صلى الله عليه وآله إذا كان الاستخلاف في حال الغيبة والسفر، فالقول على مذهبنا وتأويلنا يطابقه ويتناوله، وإن تعداه إلى غير من الاستخلاف بعد الوفاة الذي لا ينافي ما يقتضيه السبب، يبين ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله لو صرح بما ذهبنا إليه حتى يقول: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى في المحبة والفضل والاختصاص والخلافة في الحياة وبعد الوفاة " لكان السبب الذي يدعى