شركته له في النبوة التي لا يتمكن أحد من دفعها، وثبت أنه لو بقي بعده لكان ما يجب من طاعته على جميع أمة موسى عليه السلام يجب له (1)، لأنه لا يجوز خروجه عن النبوة وهو حي، وإذا وجب ما ذكرناه وكان النبي صلى الله عليه وآله قد أوجب بالخبر لأمير المؤمنين جميع منازل هارون من موسى ونفى أن يكون نبيا وكان من جملة منازله أنه لو بقي بعده لكان طاعته مفترضة على أمته وإن كانت تجب لمكان نبوته، وجب (2) أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام مفترض الطاعة على سائر الأمة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وإن لم يكن نبيا، لان نفي النبوة لا يقتضي نفي ما يجب لمكانها على ما بيناه، وإنما كان يجب بنفي النبوة نفي فرض الطاعة لو لم يصح حصول فرض الطاعة إلا للنبي وإذا جاز أن يحصل لغير النبي كالامام دل على انفصاله من النبوة، وأنه ليس من شرائطها وحقائقها التي تثبت بثبوتها وتنتفي بانتفائها، والمثال الذي تقدم يكشف عن صحة قولنا، وأن النبي صلى الله عليه وآله لو صرح أيضا بما ذكرناه حتى يقول: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى، في فرض الطاعة على أمتي وإن لم تكن شريكي في النبوة وتبليغ الرسالة " لكان كلامه مستقيما بعيدا من التنافي.
فإن قال: فيجب على هذه الطريقة أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام مفترض الطاعة على الأمة في حال حياة النبي كما كان هارون كذلك في حال حياة موسى قيل: لو خلينا وظاهر الكلام لأوجبنا ما ذكرته، غير أنه الاجماع مانع منه، لان الأمة لا تختلف في أنه عليه السلام لم يكن مشاركا للرسول في فرض الطاعة على الأمة على جميع أحوال حياته حسب ما كان عليه هارون في حياة موسى، ومن قال منهم: إنه كان مفترض الطاعة في تلك الأحوال يجعل ذلك في أحوال غيبة الرسول صلى الله عليه وآله على وجه الخلافة، لا في أحوال حضوره، وإذا خرجت أحوال الحياة بالدليل ثبتت الأحوال بعد الوفاة بمقتضى اللفظ.
فإن قال: ظاهر قوله صلى الله عليه وآله: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى " يمنع ما