عدم تقدم خلافه، فإن ابن أبي داود والجاحظ لو صرحا بالخلاف لسقط خلافهما بما ذكرناه من الاجماع، على أنه قد قيل: إن ابن أبي داود لم ينكر الخبر وإنما أنكر كون المسجد الذي بغدير خم متقدما، وقد حكي عنه التنصل من القدح في الخبر والتبري مما قذفه (1) به محمد بن جرير الطبري، وأما الجاحظ فلم يتجاسر أيضا على التصريح بدفع الخبر، وإنما طعن على بعض رواته، وادعى اختلاف ما نقل في لفظه، وأما الخوارج فما يقدر أحد على أن يحكي عنهم دفعا لهذا الخبر، وكتبهم خالية عن ذلك، وقد استدل قوم على صحة الخبر بما تظاهرت به الروايات من احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام به في الشورى: حيث قال: أنشدكم الله هل منكم أحد أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيده فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه غيري؟ فقال القوم: اللهم لا، وإذا اعترف به من حضر الشورى من الوجوه (2) واتصل أيضا بغيرهم من الصحابة ممن لم يحضر الموضع ولم يكن من أحد نكير له مع علمنا بتوفر الدواعي إلى إظهار ذلك لو كان فقد وجب القطع على صحته، على أن الخبر لو لم يكن في الوضوح كالشمس لما جاز أن يدعيه أمير المؤمنين عليه السلام سيما مثله في مثل هذا المقام. انتهى ملخص كلامه، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى أصل الكتاب (3).
وأما الثاني (4) قلنا: في الاستدلال به على إمامته صلوات الله عليه مقامان:
الأول أن المولى جاء بمعني الأول بالامر والمتصرف المطاع في كل ما يأمر، والثاني أن المراد به هنا هو هذا المعنى، أما الأول فقد قال السيد المرتضى في كتاب الشافي:
من كان له أدنى اختلاط باللغة وأهلها يعرف أنهم يضعون هذه اللفظة مكان " أولى " كما أنهم يستعملونها في ابن العم، وقد ذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى - ومنزلته في اللغة منزلته - في كتابه المعروف بالمجاز في القرآن لما انتهى إلى قوله تعالى: " مأواكم