فأتيت منزل النبي صلى الله عليه وآله ورسول الله في بيته وسفراء علي بن أبي طالب عليه السلام جلوس على بابه، فأتيت الناس فقالوا: يا بريدة ما الخبر؟ قلت: فتح الله عليه المسلمين فأصابوا من الغنائم ما لم يصيبوا مثلها، قالوا: فما أقدمك (1)؟ قلت: بعثني خالد أخبر النبي صلى الله عليه وآله بجارية أخذها علي بن أبي طالب عليه السلام من الخمس، قال: فأخبره (2) فإنه يسقط من عينيه! قال: ورسول الله يسمع الكلام، قال: فخرج النبي صلى الله عليه وآله مغضبا كأنما يفقأ (3) من وجهه حب الرمان، فقال: ما بال أقوام ينتقصون عليا؟ من تنقص عليا فقد تنقصني، ومن فارق عليا فقد فارقني، إن عليا مني وأنا منه، خلقه الله من طينتي وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، وفضل إبراهيم لي فضل " ذرية بعضها من بعض " ويحك يا بريدة أما علمت أن لعلي بن أبي طالب في الخمس أفضل من الجارية التي أخذها وأنه وليكم من بعدي؟ قال: فلما رأيت شدة غضب رسول الله صلى الله عليه وآله قلت: يا رسول الله أسألك بحق الصحبة إلا بسطت لي يدك حتى أبايعك على الاسلام جديدا، قال: فما فارقت (4) حتى بايعته على الاسلام جديدا (5).
تذنيب اعلم أن الاستدلال بخبر الغدير يتوقف على أمرين: أحدهما إثبات الخبر، والثاني إثبات دلالته على خلافته صلوات الله عليه، أما الأول فلا أظن عاقلا يرتاب في ثبوته وتواتره بعد إحاطته بما أسلفناه من الاخبار التي اتفقت المخالف والمؤالف على نقلها وتصحيحها، مع أن ما أوردناه قليل من كثير، وقد أوردنا كثير منها في كتاب الفتن وسيأتي في الأبواب الآتية بعضها، وقد قرع سمعك ذكر من صنف الكتاب في ذلك من علماء الفريقين.
وقال صاحب إحقاق الحق رحمه الله: ذكر الشيخ ابن كثير الشامي الشافعي عند ذكر أحوال محمد بن جرير الطبري (6) أني رأيت كتابا جمع فيه أحاديث غدير خم