والمحب، ولا يخفى على عاقل أنه ما كان يتوقف بيان ذلك على اجتماع الناس لذلك في شدة الحر، بل كان هذا أمرا يجب أن يوصي به عليا عليه السلام بأن ينصر من كان الرسول صلى الله عليه وآله ينصره ويحب من كان يحبه، ولا يتصور في إخبار الناس بذلك فائدة يعتد بها، إلا إذا أريد بذلك نوع من النصرة والمحبة يكون للأمراء بالنسبة إلى رعاياهم، أو أريد به جلب محبتهم بالنسبة إليه ووجوب متابعتهم له حيث ينصرهم في جميع المواطن ويحبهم على الدين، وبهذا أيضا يتم المدعى.
وأيضا نقول: على تقدير أن يراد به المحب والناصر أيضا يدل على إمامته عليه السلام عند ذوي العقول المستقيمة والفطرة القويمة بقرائن الحال، فإنا لو فرضنا أن أحدا من الملوك جمع عند قرب وفاته جميع عسكره وأخذ بيد رجل هو أقرب أقاربه وأخص الخلق به وقال: من كنت محبه وناصره فهذه محبه وناصره ثم دعا لمن نصره ووالاه ولعن من خذله ولم يواله ثم لم يقل هذا لاحد غيره ولم يعين لخلافته رجلا سواه فهل يفهم أحد من رعيته ومن حضر ذلك المجلس إلا أنه يريد بذلك استخلافه وتطميع الناس في نصره ومحبته وحث الناس على إطاعته وقبول أمره ونصرته على عدوه؟ وبوجه آخر نقول: ظاهر قوله: من كنت ناصره فعلي ناصره، يتمشى (1) منه النصرة لكل أحد كما كان يتأتى من النبي صلى الله عليه وآله ولا يكون ذلك إلا بالرئاسة العامة، إذ لا يخفى على منصف أنه لا يحسن من أمير قوي الأركان كثير الأعوان أن يقول في شأن بعض آحاد الرعايا من كنت ناصره فهذا ناصره، فأما إذا استخلفه وأمره على الناس فهذا في غاية الحسن، لأنه جعله بحيث يمكن أن يكون ناصر من نصره.
المسلك الثالث: ما سبق في كلام الصدوق من وجود القرينة في الكلام على أن المراد بالمولى: الأولى، وبه يثبت أنه الامام، وهو العمدة في هذا المقام، ولا ينكره إلا جاهل بأساليب الكلام أو متجاهل لعصبيته عما تتسارع إليه الافهام، قال السيد في الشافي:
فأما الدلالة على أن المراد بلفظة مولى في خبر الغدير الأولى فهو أن من عادة