صلى الله عليه وآله وعموم قوله من بعد: " فمن كنت مولاه " وإلا لم يكن للعموم صورة، وقد بينا أن الذي أوجبه ثانيا يجب مطابقته لما قدمه في وجهه وعمومه في الأمور، وكذا يجب عمومه في المخاطبين بتلك الطريقة، لان كل من أوجب من الخبر فرض الطاعة وما يرجع إلى معنى الإمامة ذهب إلى عمومه لجميع المكلفين كما ذهب إلى عمومه في جميع الأفعال، انتهى (1).
وأما ما زعم بعضهم من أن قوله صلى الله عليه وآله: " اللهم وال من والاه " قرينة على أن المراد بالمولى الموالي والناصر فلا يخفى وهنه، إذ لم يكن استدلالنا بمحض تقدم ذكر الأولى حتى يعارضونا بذلك، بل إنما استدللنا بسياق الكلام وتمهيد المقدمة والتفريع عليها وما يحكم به عرف أرباب اللسان في ذلك، وأما الدعاء بموالاة من والاه فليس بتلك المثابة، وإنما يتم هذا لو ادعى أحد أن اللفظ بعدما اطلق على أحد معانيه لا يناسب أن يطلق ما يناسبه ويدانيه في الاشتقاق على معنى آخر، وكيف يدعي ذلك عاقل مع أن ذلك مما يعد من المحسنات البديعية؟ بل نقول تعقيبه بهذا، يؤيد ما ذكرناه ويقوي ما أسسناه بوجوه:
الأول أنه لما أثبت صلى الله عليه وآله له الرئاسة العامة والإمامة الكبرى وهي مما يحتاج إلى الجنود والأعوان وإثبات مثل ذلك لواحد من بين جماعة مما يفضي إلى هيجان الحسد المورث لترك النصرة والخذلان لا سيما أنه صلى الله عليه وآله كان عالما بما في صدور المنافقين الحاضرين من عداوته وما انطوى عليه جنوبهم من السعي في غصب خلافته عليه السلام أكد (2) ذلك بالدعاء لأعوانه واللعن على من قصر في شأنه، ولو كان الغرض محض كونه صلى الله عليه وآله وسلم ناصرا لهم أو ثبوت الموالاة بينه وبينهم كسائر المؤمنين لم يكن يحتاج إلى مثل تلك المبالغات والدعاء له بما يدعى للأمراء وأصحاب الولايات.
والثاني أنه يدل على عصمته اللازمة لإمامته عليه السلام لأنه لو كان يصدر منه المعصية لكان يجب على من يعلم ذلك منه منعه وزجره وترك موالاته وإبداء معاداته