النار هي مولاكم (1) " أن معنى مولاكم أولى بكم، وأنشد بيت لبيد (2) شاهدا له " فغدت " البيت، وليس أبو عبيدة ممن يغلط في اللغة، ولو غلط فيها أو وهم لما جاز أن يمسك عن النكير عليه والرد لتأويله غيره من أهل اللغة ممن أصاب وما غلط فيه على عادتهم المعروفة في تتبع بعضهم لبعض ورد بعضهم على بعض، فصار قول أبي عبيدة الذي حكيناه مع أنه لم يظهر من أحد من أهل اللغة رد له كأنه قول الجميع، ولا خلاف بين المفسرين في أن قوله تعالى: " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون (3) " أن المراد بالموالي من كان أملك بالميراث وأولى بحيازته وأحق به، وقال الأخطل:
فأصبحت مولاها من الناس بعده * وأحرى قريش أن تهاب وتحمد وقال أيضا يخاطب بني أمية:
أعطاكم الله جدا تنصرون به * لاجد إلا صغير بعد محتقر لم تأشروا فيه إذا كنتم مواليه * ولو يكون لقوم غيركم أشروا وقال غيره:
كانوا موالي حق يطلبون به * فأدركوه وما ملوا ولا تعبوا وقال العجاج:
الحمد لله الذي أعطى الخير * موالي الحق إن المولى شكر وروي في الحديث " أيما امرأة تزوجت بغير إذن مولاها فنكاحها باطل " وكلما استشهد به لم يرد بلفظ مولى فيه إلا معنى أولى دون غيره، وقد تقدمت حكايتنا عن المبرد قوله: إن أصل تأويل الولي الذي هو أولى أي أحق، ومثله المولى، وقال في هذا الموضع بعد أن ذكر تأويل قوله تعالى: " بأن الله مولى الذين آمنوا (4) ": والولي والمولى معناهما سواء، وهو الحقيق بخلقه المتولي لأمورهم، وقال الفراء في كتاب