فإنما أشار به إلى القائم بالإمامة بعده، ولم يشر إلى القائم بالسيف، وقد علمنا أن كل إمام فهو قائم بالامر بعد أبيه، فأي حجة فيما تعلقوا به لولا عمى القلوب؟ على أنه يقال لهم (1): ما الدليل على إمامة أبي الحسن موسى عليه السلام؟ وما البرهان على أن أباه نص عليه؟ فبأي شئ تعلقوا في ذلك واعتمدوا عليه أريناهم بمثله إمامة الرضا عليه السلام (2) وثبوت النص من أبيه عليه السلام، وهذا ما لا يجدون منه مخلصا.
وأما من زعم أن الرضا عليه السلام ومن بعده كانوا خلفاء أبي الحسن موسى عليه السلام ولم يدعوا الامر لأنفسهم فإنه قول مباهت لا يفكر في دفعه بالضرورة (3)، لان جميع شيعة هؤلاء القوم وغير شيعتهم من الزيدية الخلص ومن تحقق بالنظر يعلم يقينا أنهم كانوا ينتحلون الإمامة، وأن الدعاة إلى ذلك خاصتهم من الناس، ولا فصل بين هذه (4) في بهتها وبين الفرقة الشاذة من الكيسانية فيما ادعوه من أن الحسن والحسين عليهما السلام كانا خلفاء محمد، وأن الناس لم يبايعوهما على الإمامة لأنفسهم! وهذا قول وضوح فساده يغني عن الاطناب فيه.
وأما البشيرية (5) فإن دليل وفاة أبي الحسن وإمامة الرضا عليهما السلام وبطلان الحلول والاتحاد ولزوم الشرائع وفساد الغلو والتناسخ يدل بمجموع ذلك وبآحاده على فساد ما ذهبوا إليه.
قال الشيخ أدام الله عزه: ثم إن الامامية استمرت على القول بأصول الإمامة طول أيام أبي الحسن الرضا عليه السلام فلما توفي وخلف ابنه أبا جعفر عليه السلام وله عند وفاة أبيه سبع سنين اختلفوا وتفرقوا ثلاث فرق: فرقة مضت على سنن القول في الإمامة ودانت