بإمامة أبي جعفر عليه السلام ونقلت النص عليه، وهم أكثر الفرق (1) عددا، وفرقة ارتدت إلى قول الواقفة ورجعوا عما كانوا عليه من إمامة الرضا عليه السلام، وفرقة قالت بإمامة أحمد بن موسى وزعموا أن الرضا عليه السلام كان وصى إليه ونص بالإمامة عليه، واعتل الفريقان الشاذان عن أصل الإمامة بصغر سن أبي جعفر عليه السلام وقالوا: ليس يجوز أن يكون الامام (2) صبيا لم يبلغ الحلم فيقال لهم ما سوى الراجعة إلى مذاهب الوقف (3) كما قيل للواقفة: دلوا بأي دليل شئتم إلى إمامة الرضا عليه السلام حتى نريكم بمثله إمامة أبي جعفر عليه السلام، وبأي شئ طعنتم على نقل النص على أبي جعفر عليه السلام، فإن الواقفة تطعن بمثله في نقل النص على أبي الحسن الرضا عليه السلام ولا فصل في ذلك.
على أن ما اشتبه عليهم من جهة سن أبي جعفر فإنه بين الفساد، وذلك أن كمال العقل لا يستنكر لحجج الله مع الصغر السن، قال الله عز وجل: " قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا (4) " فخبر عن المسيح بالكلام في المهد، وقال في قصة يحيى: " وآتيناه الحكم صبيا (5) " وقد أجمع جمهور الشيعة مع سائر من خالفهم على أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا عليا صغير السن (6)، ولم يدع من الصبيان غيره، وباهل بالحسن والحسين عليهما السلام وهما طفلان، ولم ير مباهل قبله ولا بعده باهل بالأطفال، وإذا كان الامر على ما ذكرناه من تخصيص الله تعالى حججه على ما شرحناه بطل ما تعلق به هؤلاء القوم، على أنهم إن أقروا بظهور المعجزات عن الأئمة عليهم السلام وخرق العادات لهم وفيهم بطل أصلهم الذي اعتمدوا (7) في إنكار إمامة أبي جعفر عليه السلام، وإن أبوا ذلك لحقوا بالمعتزلة في إنكار المعجزات (8) إلا على الأنبياء عليهم السلام،