معتمدهم على الدعوى المجردة عن البرهان فقد سقط بما ذكرناه.
فأما الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام من قوله: " ما بدا لله في شئ كما بدا له في إسماعيل " فإنها على غير ما توهموه أيضا من البداء في الإمامة، وإنما معناها ما روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: " إن الله عز وجل كتب القتل على ابني إسماعيل مرتين، فسألته فيه فرقا (1)، فما بدا له في شئ كما بدا له في إسماعيل " يعني به ما ذكره من القتل الذي كان مكتوبا فصرفه عنه بمسألة أبي عبد الله عليه السلام فأما الإمامة فإنه لا يوصف الله عز وجل بالبداء فيها (2) وعلى ذلك إجماع فقهاء الإمامية، ومعهم فيه أثر عنهم عليهم السلام أنهم قالوا: " مهما بدا لله في شئ فلا يبدو له في نقل نبي عن نبوته ولا إمام عن إمامته ولا مؤمن قد أخذ عهده بالايمان عن إيمانه " وإذا كان الامر على ما ذكرناه فقد بطل أيضا هذا الفصل الذي اعتمدوه وجعلوه دلالة على نص أبي عبد الله عليه السلام على إسماعيل.
فأما من ذهب إلى إمامة محمد بن إسماعيل بنص أبيه عليه فإنه منتقض القول فاسد الرأي، من قبل أنه إذا لم يثبت لإسماعيل إمامة في حياة أبي عبد الله عليه السلام لاستحالة وجود إمامين بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زمان واحد لم يجز أن يثبت إمامة محمد، لأنها تكون حينئذ ثابتة بنص غير إمام، وذلك فاسد في النظر الصحيح.
وأما من زعم بأن أبا عبد الله عليه السلام نص على محمد بن إسماعيل بعد وفاة أبيه فإنهم لم يتعلقوا في ذلك بأثر، وإنما قالوه قياسا على أصل فاسد، وهو ما ذهبوا إليه من حصول النص على أبيه إسماعيل (3)، فزعموا أن العدل يوجب بعد موت إسماعيل النص على ابنه لأنه أحق الناس به، وإذا كنا قد بينا عن بطلان قولهم فيما ادعوا من النص على إسماعيل فقد فسد أصلهم الذي بنوا عليه الكلام، على أنه لو ثبت ما ادعوه من نص أبي عبد الله على ابنه إسماعيل لما صح قولهم في وجوب النص على محمد ابنه من بعده، لان الإمامة والنصوص ليستا موروثتين على حد ميراث الأموال ولو كانت كذلك