تولي أمره بنفسه، وإذا كان الخصوص قد يكون في كتاب الله عز وجل مع ظاهر القول للعموم وجاز أن يخص القرآن ويصرف عن ظواهره على مذهب أصحاب العموم بالدلائل فلم لا جاز الانصراف عن ظاهر قول أبي عبد الله عليه السلام إلى معنى يلائم الصحيح ولا يحمل على وجه يفسد المشاهدات ويسد على العقلاء باب الضرورات، وهذا كاف في هذا الموضع إن شاء الله، مع أنه لا بقية للناووسية، ولم يكن في الأصل أيضا كثرة، ولا عرف منهم رجل مشهور بالعلم، ولا قرئ لهم كتاب، وإنما هي حكاية إن صحت فعن عدد يسير لم يبرز قولهم حتى اضمحل وانتقض، وفي هذا كفاية عن الإطالة في نقضه.
وأما ما اعتلت به الإسماعيلية من أن إسماعيل - رحمه الله - كان الأكبر وأن النص يجب أن يكون الأكبر فلعمري إن ذلك يجب إذا كان الأكبر باقيا بعد الوالد، فأما إذا كان المعلوم من حاله أنه يموت في حياته ولا يبقى بعده فليس يجب ما ادعوه، بل لا معنى للنص عليه، ولو وقع لكان كذبا، لان معنى النص أن المنصوص عليه خليفة الماضي فيما كان يقوم به، وإذا لم يبق بعده لم يكن خليفة، ويكون (1) النص حينئذ عليه كذبا لا محالة، وإذا علم الله سبحانه أنه يموت قبل الأول وأمره باستخلافه كان الامر بذلك عبثا مع كون النص كذبا، لأنه لا فائدة فيه ولا غرض صحيح فبطل ما اعتمدوه في هذا الباب.
وأما ما ادعوه من تسليم الجماعة لهم حصول النص عليه فإنهم ادعوا في ذلك باطلا وتوهموا فاسدا من قبل أنه ليس أحد من أصحابنا يعترف بأن أبا عبد الله عليه السلام نص على ابنه إسماعيل، ولا روى راو ذلك في شاذ من الاخبار ولا في معروف منها، وإنما كان الناس في حياة إسماعيل يظنون أن أبا عبد الله ينص عليه لأنه أكبر أولاده، وبما كانوا يرونه من تعظيمه، فلما مات إسماعيل زالت ظنونهم وعلموا أن الإمامة في غيره فتعلق هؤلاء المبطلون بذلك الظن وجعلوه أصلا، وادعوا أنه قد وقع النص، وليس معهم في ذلك خبر ولا أثر (2) يعرفه أحد من نقلة الشيعة، وإذا كان