فأما أصحاب جعفر فأمرهم (1) مبني على إمامة محمد، وإذا سقط قول هذا الفريق لعدم الدلالة على صحته وقيامها على إمامة أبي محمد عليه السلام فقد بان فساد ما ذهبوا إليه.
قال الشيخ أدام الله عزه: ولما توفي أبو محمد الحسن بن علي عليه السلام افترق أصحابه بعده - على ما حكاه أبو محمد الحسن بن موسى رحمه الله - (2) أربع عشرة فرقة، فقال الجمهور منهم بإمامة القائم المنتظر (3)، وأثبتوا ولادته، وصححوا النص عليه، وقالوا: هو سمي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومهدي الأنام، واعتقدوا أن له غيبتين إحداهما أطول من الأخرى، فالأولى منهما هي القصرى، وله فيها الأبواب (4) والسفراء، ورووا عن جماعة من شيوخهم وثقاتهم أن أباه الحسن عليه السلام أظهره لهم وأراهم شخصه، واختلفوا في سنه عند وفاة أبيه، فقال كثير منهم: كان سنه إذ ذاك خمس سنين، لان أباه توفي سنة ستين ومائتين، وكان مولد القائم سنة خمس وخمسين ومائتين، وقال بعضهم: بل كان مولده سنة اثنتين وخمسين ومائتين وكان سنه عند وفاة أبيه ثمان سنين، وقالوا: إن أباه لم يمت حتى أكمل الله عقله وعلمه الحكمة وفصل الخطاب، وأبانه من سائر الخلق بهذه الصفة، إذ كان خاتم الحجج ووصي الأوصياء وقائم الزمان، واحتجوا في جواز ذلك بدليل العقل من حيث ارتفعت إحالته ودخل تحت القدرة لقوله تعالى (5) في قصة عيسى: " ويكلم الناس في المهد وكهلا (6) " وفي قصة يحيى " وآتيناه الحكم صبيا (7) " وقالوا: إن صاحب الامر حي لم يمت ولا يموت ولو بقي ألف عام حتى يملأ الأرض عدلا وقسطا (8) كما ملئت ظلما