واستسعدا بطلعته، واتخذاه ولدا لأنهما لم يكونا رزقا من الولد أحدا، ثم إنه نشأ أحسن نشوء (1) وأحسنه وأفضله وأيمنه، فرأى فاطمة ورغبتها في الولد. فقال لها: يا أمه قربي قربانا (2) لوجه الله تعالى خالصا، ولا تشركي معه أحدا، فإنه يرضاه منك ويتقبله، ويعطيك طلبتك ويعجله، فامتثلت فاطمة أمره وقربت قربانا (3) لله تعالى خالصا، وسألته أن يرزقها ولدا ذكرا (4) فأجاب الله تعالى دعاءها وبلغ مناها، ورزقها من الأولاد خمسة:
عقيلا ثم طالبا ثم جعفرا ثم عليا ثم أختهم فاختة المعروفة بأم هانئ، فمما جاء من حديثها قبل أن ترزق أولادها أنها جلست يوما تتحدث مع عجائز العرب والفواطم من قريش، منهم فاطمة ابنة عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم جدة رسول الله صلى الله عليه وآله لأبيه، وفاطمة ابنة زائدة بن الأصم أم خديجة، وفاطمة ابنة عبد الله بن رزام، وفاطمة ابنة الحارث (5)، وتمام الفواطم التي أنتمي إليهن رسول الله صلى الله عليه وآله: أم قصي وهي ابنة نضر، فإنهن لجلوس إذ أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله بنوره الباهر وسعده الظاهر، وقد تبعه بعض الكهان (6) ينظر إليه ويطيل فراسته فيه، إلى أن أتى إليهن فسألهن عنه، فقلن:
هذا محمد ذو الشرف الباذخ (7) والفضل الشامخ، فأخبرهن الكاهن بما يعلمه من رفيع قدره، وبشرهن بما سيكون من مستقبل أمره، وأنه سيبعث نبيا، وينال منالا عليا، قال:
وإن التي تكفله منكن في صغره سيكفل لها ولدا يكون عنصره من عنصره (8)، يختصه