الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية وإن أبيتم فقد أوذنتم (1) بحرب، والسلام) فلما قرأ الأسقف الكتاب فظع به وذعر ذعرا شديدا (2) فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له: شرحبيل بن وادعة (3)، فدفع إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله فقرأه، فقال له الأسقف: ما رأيك؟ فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة، فما يؤمن من أن يكون (4) ذلك الرجل، ليس لي في النبوة رأي، لو كان أمر (5) من أمر الدنيا أشرت عليك فيه وجهدت لك، فبعث الأسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران فكلهم قال مثل قول شرحبيل، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وادعة وعبد الله بن شرحبيل وجبار بن فيض فيأتونهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وآله فانطلق والوفد حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فسألهم وسألوه، فلم تنزل به وبهم المسألة حتى قالوا له: ما تقول في عيسى بن مريم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما عندي فيه شئ يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى صبح الغداة (6)، فأنزل الله (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) إلى قوله: (فنجعل لعنة الله على الكاذبين) فأبوا أن يقروا بذلك، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله الغد بعدما أخبرهم الخبر أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميلة له وفاطمة تمشي عند ظهره (7) للملاعنة، وله يومئذ عدة نسوة، فقال شرحبيل لصاحبيه: إني رأى أمرا مقبلا، إن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فنلاعنه (8) لا يبقى على وجه الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك، فقالا له: ما رأيك؟ فقال: رأيي أن احكمه (9)
(٢٦٣)