صدق أول الخبر أمكن أن يكون ما رواه أخيرا من رجوعه صلى الله عليه وآله إلى قول عمر من أكاذيبه.
ويؤيده ما رواه مسلم (1) في الموضع المذكور ورواه غيره في عدة روايات أنه صلى الله عليه وآله: بشر الناس بأنه من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة، وقد روى أبو هريرة نفسه ما يقرب من هذا المعنى (2).
ثم لو سلمنا صدق الخبر إلى آخره فلا شك في أنه يتضمن أن عمر رد قول النبي صلى الله عليه وآله على أخشن الوجوه وأقبحها - كما هو دأب الطغام (3) والأجلاف (4) -، ومع قطع النظر عما عرفت وستعرف من عدم جواز الاجتهاد في مقابلة النص، وأن الرد عليه صلى الله عليه وآله رد على الله وعلى حد الشرك بالله، كيف يجوز هذا النوع من سوء الأدب والغلظة من مقام الرد على المجتهد ولو كان مخطئا؟! وهو مأجور في خطأه، وقد أمكنه أن يرد أبا هريرة برفق ويناظر برسول الله صلى الله عليه وآله يوقفه على خطأه.
ثم من أين استحق أبو هريرة أن يضرب على صدره حتى يقع على أسته ولم يقدم على أمر سوى طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وطاعة الله، وقد أمر الله تعالى بها في زهاء (5) عشرين موضعا من كتابه بقوله: * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) * (6).