من المدينة (1). أقول: ما في (2) هذه الرواية من عود عمر إلى قوله: قد خان الله ورسوله..
دعني فلاضرب عنقه، بعد اعتذار حاطب وتصديق الرسول صلى الله عليه وآله إياه، وقوله: لا تقولوا له إلا خيرا.. رد صريح لقول الرسول صلى الله عليه وآله وارتكاب لنهيه.
واعتذار بعض المتعصبين بأنه ظن أن صدقه في عذره لا يدفع عنه ما يجب عليه من القتل في غاية السخافة، فإن قوله (ص): لا تقولوا له إلا خيرا، بعد قوله: صدق، يهدم أساس هذه الأوهام، ولا ريب في أن من رد على الرسول صلى الله عليه وآله في وجهه أحرى بضرب العنق ممن تلقى الرسول صلى الله عليه وآله عذره بالقبول، ونهى الناس عن تقريعه وتوبيخه.
ومما يدل على أن عمر كان يخالف صريحا قول رسول الله صلى الله عليه وآله ما حكاه في كتاب فتح الباري (3) في شرح صحيح البخاري في باب من ترك قتال الخوارج للتأليف قال: أخرج أحمد بسند جيد، عن أبي سعيد الخدري، قال: جاء أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله]، فقال: يا رسول الله! إني مررت بوادي.. كذا فإذا رجل حسن الهيئة متخشع يصلي فيه، فقال: اذهب إليه فاقتله، قال: فذهب إليه أبو بكر (4) فلما رآه يصلي كره أن يقتله، فرجع.
فقال النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم لعمر: اذهب فاقتله، فذهب فرآه