التردد صريحا في بعدهم عن الضلال بعد الكتاب، فكتاب أبي بكر من حيث المتن أولى بالشك، كما أن احتمال الهجر وغلبة المرض في شأنه كان أظهر، ولم يدل دليل من العقل والنقل على براءته من الهذيان، وكان كتاب الله بين أظهرهم، فكان اللائق بديانة عمر بن الخطاب أن لا يرضى بذلك الكتاب ويقول حسب الناس كتاب الله، وكان الأنسب لأشياعه الذين يجوزون الهذيان على سيد الأنام صلى الله عليه وآله تصحيحا لقول عمر بن الخطاب أن يترددوا في إمامته ولا يستندوا إلى وصية أبي بكر في شأنه.
ثم إن في (1) قول عمر بن الخطاب في مقام الرد على الرسول صلى الله عليه وآله: حسبنا كتاب الله.. يدل على أنه لا حاجة إلى الخليفة مطلقا، فكيف سارع إلى السقيفة لعقد البيعة وجعله أهم من دفن سيد البرية عليه وآله أكمل الصلاة والتحية.
والحاصل، إن من لم يطبع الله على قلبه لم يشك في أنهم لم يهتموا إلا بنيل حطام الدنيا وزخارفها، وصرف الامارة والخلافة عن أهاليها ومعادنها.
واعلم أنهم عدوا من فضائل عمر بن الخطاب أنه كان يرد على (2) رسول الله صلى الله عليه وآله في كثير من المواطن، وكان يرجع إلى قوله ويترك ما حكم به.
فمن ذلك ما رواه ابن أبي الحديد (3) في أخبار عمر في الجزء الثاني عشر، ورواه مسلم في صحيحه (4) في كتاب الايمان، عن أبي هريرة، قال: كنا قعودا حول النبي صلى الله عليه [وآله] ومعنا أبو بكر وعمر (5) في نفر، فقام رسول الله صلى الله