ثم التفت إلى أصحابه فقال: طيبوا نفسا (1) فقد شهد لكم بالنجاة بعد الكفر، ثم التفت إلى أبي بكر فقال: يا شيخ! أين مكانك الساعة من الجنة إذا ادعيت الايمان، وأين مكاني من النار؟!.
قال: فالتفت أبو بكر إلى عمر وأبو عبيدة مرة أخرى ليجيبا عنه، فلم ينطق أحدهما (2).
قال: ثم قال: ما أدري أين مكاني وما حالي عند الله؟.
قال الجاثليق: يا هذا! أخبرني كيف استجزت لنفسك أن تجلس في هذا المجلس وأنت محتاج إلى علم غيرك؟ فهل في أمة محمد (3) من هو أعلم منك؟.
قال: نعم.
قال: ما أعلمك وإياهم إلا وقد حملوك أمرا عظيما، وسفهوا بتقديمهم إياك على من هو أعلم منك، فإن كان الذي هو أعلم منك يعجز عما سألتك كعجزك فأنت وهو واحد في دعواكم، فأرى نبيكم إن كان نبيا فقد ضيع علم الله عز وجل وعهده وميثاقه الذي أخذه على النبيين من قبله في إقامة الأوصياء لامتهم حيث لم يقم وصيا ليتفرغوا (4) إليه فيما (5) تتنازعون (6) في أمر دينكم، فدلوني على هذا الذي هو أعلم منكم، فعساه في العلم أكثر منك في (7) محاورة وجواب وبيان وما يحتاج إليه من أثر النبوة وسنن الأنبياء، ولقد ظلمك القوم وظلموا أنفسهم فيك.
قال سلمان رضي الله عنه: فلما رأيت ما نزل بالقوم من البهت والحيرة والذل