وجل وعلى نبيكم، ولا ترضون إلا أن تتسموا بعد ذلك بالخلافة، وهذا لا يحل إلا لنبي أو وصي نبي، وإنما تصح الحجة لكم بتأكيدكم النبوة لنبيكم وأخذكم بسنن الأنبياء في هداهم، وقد تغلبتم فلا بد لنا أن نحتج عليكم فيما ادعيتم حتى نعرف سبيل ما تدعون إليه، ونعرف الحق فيكم بعد نبيكم، أصواب ما فعلتم بإيمان أم كفرتم بجهل (1)؟.
ثم قال: يا شيخ! أجب.
قال: فالتفت أبو بكر إلى أبي عبيدة ليجيب عنه، فلم يحر جوابا، ثم التفت الجاثليق إلى أصحابه فقال: بناء القوم على غير أساس ولا أرى لهم حجة، أفهمتم؟.
قالوا: بلى.
ثم قال لأبي بكر: يا شيخ! أسألك؟.
قال: سل.
قال: أخبرني عني وعنك ما (2) أنت عند الله، وما أنا عند الله (3)؟.
قال: أما أنا فعند نفسي مؤمن، وما أدري ما أنا عند الله فيما بعد، وأما أنت فعندي كافر، وما (4) أدري ما أنت عند الله؟.
قال الجاثليق: أما أنت فقد منيت نفسك الكفر بعد الايمان، وجهلت مقامك في إيمانك، أمحق أنت فيه أم مبطل، وأما أنا فقد منيتني الايمان بعد الكفر، فما أحسن حالي وأسوأ (5) حالك عند نفسك، إذ كنت لا توقن بما لك عند الله، فقد شهدت لي بالفوز والنجاة، وشهدت لنفسك بالهلاك والكفر.