به ممن غلبني عليه؟ أما والله لتكفن أو لأكلمن (1) كلمة بالغة بي وبك في الناس تحملها الركبان حيث ساروا، وإن شئت استدمنا ما نحن فيه عفوا. فقال: بل تستديمه (2) وإنها لصائرة إليك بعد أيام، فما ظننت أنه يأتي عليه جمعة حتى يردها علي، فتغافل والله، فما ذكرني بعد ذلك المجلس حرفا حتى هلك، ولقد مد في أمدها عاضا على نواجذه حتى حضره الموت، فأيس منها فكان منه ما رأيتما، فاكتما (3) ما قلت لكما عن الناس كافة (4) وعن بني هاشم خاصة، وليكن منكما بحيث أمرتكما إذا شئتما على بركة الله، فمضينا ونحن نعجب من قوله، فوالله ما أفشينا سره حتى هلك.
ثم قال السيد (5) رضي الله عنه: فكأني بهم عند سماع هذه الروايات (6) يستغرقون ضحكا تعجبا واستبعادا وإنكارا ويقولون: كيف يصغى (7) إلى هذه الأخبار ، ومعلوم ضرورة تعظيم عمر لأبي بكر ووفاقه (8) له وتصويبه لإمامته؟
وكيف يطعن عمر في إمامة أبي بكر وهي أصل لإمامته وقاعدة لولايته؟! وليس هذا بمنكر ممن طمست العصبية على قلبه وعينيه، فهو لا يرى ولا يسمع إلا ما يوافق اعتقادات مبتدأة قد اعتقدها، ومذاهب فاسدة قد انتحلها، فما بال هذه الضرورة تخصهم ولا تعم من خالفهم، ونحن نقسم بالله على أنا لا نعلم ما يدعونه، ونزيد (9) على ذلك بأنا نعتقد أن الامر بخلافه، وليس في طعن عمر على بيعته أبي