وتخطئتهما إياه، وتسفيههما رأيه، وتنازعهما بحضرته فيما حسباه أصلح من اختياره؟!.
وأما البيضاوي فقد دلس في هذا المقام تدليسا غريبا، فسكت في تفسير قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا..) * إلى قوله سبحانه * (وأنتم لا تشعرون) * (1) عن ذكر أبي بكر وعمر، ونزول الآيات فيهما، ثم ذكر في تفسير قوله سبحانه: * (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) * (2) أنه قيل: كان أبو بكر وعمر بعد ذلك يسرانه حتى يستفهمهما) * (3).
فانظر كيف صور المنقصة بصورة المنقبة؟! ولبس الحال على الجهال، حتى يتوهموا أنهما مما وصفهم الله في كتابه بامتحان قلوبهم للتقوى، ونزلت الآية فيهم، فقد عرفت - لو أنصفت - من ترك ابن الزبير ذكر أبي بكر - مع القرابة الخصيصة - عند حكاية الاسرار في الحديث عن عمر أن ما رواه البيضاوي عن قائل مجهول افتراء على أبي بكر، وأما عمر، فهو وإن روى فيه ابن الزبير ذلك إلا أن في حكاية التنازع عند رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه، ورفع الأصوات عنده، والرد عليه بقوله: حسبنا كتاب الله (4)، ما يفهم منه عدم انتهائه عن التقدم بين يدي الله ورسوله، والجهر بالقول، ولا يشتبه على ذي فطرة سليمة أن المراد حين نزول الآية ب * (الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله) * من كان دأبهم ذلك قبل نزولها، كما أن المراد ب (الذين ينادونه من وراء الحجرات) من ناداه قبل نزول الآية، ولا يخفى أن في قول البيضاوي: كانا بعد ذلك يسرانه.. اعترافا لطيفا بأنه كان