داؤهما (1) قبل ذلك سوء الأدب، وسيرتهما الوقاحة، وقد كان وفود بني تميم والأقرع والقعقاع في أواخر سنة تسع من الهجرة (2)، وكان وفاته صلى الله عليه وآله في صفر سنة إحدى عشرة - على ما ذكره أرباب السير -، فكانا - على تقدير صحة ما ذكره - مصرين على الجفاء وقلة الحياء في مدة مقامه صلى الله عليه وآله بمكة، وقريبا من تسع سنين بعد الهجرة، ولم ينتهيا عنه (3) إلا في سنة وبضع شهور بعد أن وبخهما الله تعالى ورغم أنفهما، مع أن رعاية الأدب في خدمة السيد المطاع القادر على القتل فما دونه، المرجو منه الشفاعة والنجاة في الآخرة - لو كان الايمان به صادقا - أمر لا يخرج عن ربقته إلا رقبة من جبل على طينة السباع من البهائم، فمن (4) كان هذا شأنه كيف يصلح لان (5) يكون مطاعا للأمة كافة؟! وكيف تكون سيرته مع رعيته ومن لا يقدر على الخروج عن طاعته؟! وهل يزجر نفسه ويملكه عند الغضب، وتنقلات الأحوال بحيث يرتكب لا (6) أقل ما ينافي العدالة؟!
ولعمري لا يقول به إلا مباهت مبهوت، ولم ينشأ تعبير (7) عمر لأمير المؤمنين عليه السلام بالدعابة إلا لما يرى من نفسه ومن شيخه من سوء الخلق والزعارة (8)، فظن حسن خلقه عليه السلام، وبشره عند لقاء الناس، ورفقه بهم من قبيل اللهو والدعابة، ثم نسج على منواله عمرو بن العاص كما صرح به عليه السلام في قوله:
عجبا لابن النابغة يزعم لأهل الشام أن في دعابة وأني امرؤ تلعابة.. (9).