مكرها مغصوبا وسقته إلى البيعة سوقا، وإني لاعلم علما يقينا لا شك فيه لو اجتهدت أنا وجميع من على الأرض جميعا على قهره ما قهرناه، ولكن لهنات (1) كانت في نفسه أعلمها ولا أقولها، فلما انتهيت إلى سقيفة بني ساعة قام أبو بكر ومن بحضرته يستهزؤن بعلي، فقال علي: يا عمر! أتحب أن أعجل (2) لك ما أخرته سواء عنك (3)؟ فقلت: لا، يا أمير المؤمنين! فسمعني والله خالد بن الوليد، فأسرع إلى أبي بكر، فقال له أبو بكر: ما لي ولعمر.. ثلاثا، والناس يسمعون، ولما دخل السقيفة صبا (4) أبو بكر إليه، فقلت له: قد بايعت يا أبا الحسن! فانصرف، فأشهد ما بايعه ولا مد يده إليه، وكرهت أن أطالبه بالبيعة فيعجل لي ما أخره عني، وود أبو بكر أنه لم ير عليا في ذلك المكان جزعا وخوفا منه، ورجع علي من السقيفة وسألنا عنه (5)، فقالوا: مضى إلى قبر محمد فجلس إليه، فقمت أنا وأبو بكر إليه، وجئنا نسعى وأبو بكر يقول: ويلك يا عمر! ما الذي صنعت بفاطمة، هذا والله الخسران المبين، فقلت: إن أعظم ما عليك أنه ما بايعنا ولا أثق أن تتثاقل المسلمون عنه. فقال: فما تصنع؟. فقلت: تظهر أنه قد بايعك عند قبر محمد، فأتيناه وقد جعل القبر قبلة، مسندا كفه على تربته وحوله سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وحذيفة بن اليمان، فجلسنا بإزائه وأوعزت إلى أبي بكر أن يضع يده على مثل ما وضع علي يده ويقربها من يده، ففعل ذلك وأخذت بيده أبي بكر لأمسحها على يده، وأقول قد بايع، فقبض علي يده فقمت أنا (6) وأبو بكر موليا، وأنا أقول: جزا الله عليا خيرا فإنه لم يمنعك البيعة لما حضرت قبر رسول الله
(٢٩٥)