على طريق التقية طريف (1)، لان التقية سببها الخوف من الضرر العظيم، وإنما يتقى بعض الأمة من بعض لغلبته عليه وقهره له، وجميع الأمة لا تقية عليها من أحد.
فإن قيل: يتقي من مخالفيها في الشرائع.
قلنا: الامر بالضد من ذلك، لان من خالطهم وصاحبهم من مخالفيهم في الحال (2) أقل عددا وأضعف بطشا منهم، فالتقية لمخالفيهم منهم أولى، وهذا أظهر من أن يحتاج فيه إلى الإطالة والاستقصاء. انتهى كلامه رفع الله مقامه.
ولنذكر بعض ما يدل على جواز التقية لكثرة تشنيع المخالفين في ذلك علينا مع كثرة الدلائل القاطعة عليها (3):
فمنها: قوله تعالى: [من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان] (4).
ومنها: قوله تعالى: [لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ إلا أن تتقوا منهم تقية] (5).
ومنها: ما رواه الفخر الرازي (6) وغيره من المفسرين (7) عن الحسن قال:
أخذ مسيلمة الكذاب رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لأحدهما: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم. قال: أفتشهد أني رسول الله؟