السبب في تقية من اتقى ممن ذكرناه بعينه حتى يقع الإشارة إليه على سبيل التفصيل، وحتى يجري مجرى العرض على السيف في الملا من الناس، بل ربما كان ظاهرا كذلك، وربما كان خافيا (1).
فإن قيل: مع تجويز التقية على الامام كيف السبيل إلى العلم بمذاهبه واعتقاده؟ وكيف يتخلص (2) لنا ما يفتي به على سبيل التقية من غيره؟.
قلنا: أول ما نقوله في ذلك أن الامام لا يجوز أن يتقي فيما لا يعلم إلا من جهته، والطريق إليه إلا من ناحيته، وقوله (3) وإنما يجوز التقية عليه فيما قد بأن بالحجج والبينات ونصبت عليه الدلالات حتى لا يكون تقيته (4) فيه مزيلة لطريق إصابة الحق وموقعة للشبهة، ثم لا تبقى (5) في شئ إلا ويدل على خروجه منه خرج التقية، إما لما يصاحب كلامه أو يتقدمه أو يتأخر عنه، ومن اعتبر جميع ما روي عن أئمتنا عليهم السلام على سبيل التقية وجده لا يعرى مما ذكرناه.
ثم إن التقية إنما تكون من العدو دون الولي، ومن المتهم دون الموثوق به، فيما يصدر منهم إلى أوليائهم وشيعتهم ونصحائهم في غير مجالس الخوف يرتفع الشك في أنه على غير جهة التقية، وما يفتون به العدو أو يمتحنون به في مجالس الجور (6) يجوز أن يكون على سبيل التقية كما يجوز أن يكون على غيرها، ثم يقلب (7) هذا السؤال على المخالف فيقال له: إذا أجزت على جميع الناس التقية عند الخوف الشديد وما يجري مجراه، فمن أين تعرف مذاهبهم واعتقادهم؟! وكيف تفصل