أقرب الفقرات - أعني قوله: [وأوتينا من كل شئ] (1) - لم يبق لهذا الكلام مجال، وكيف لا يليق دخول المال في جملة المشار إليه، وقد من الله تعالى على عباده في غير موضع من كلامه المجيد بما أعطاهم في الدنيا من صنوف الأموال، وأوجب على عباده الشكر عليه، فلا دلالة فيه على عدم إرادة وراثة المال سواء كان من كلام سليمان أو كلام الملك المنان.
وقد ظهر بذلك بطلان قوله أخيرا: ان ما ذكره الله تعالى من جنود سليمان لا يليق إلا بما ذكرنا، بل الأظهر أن حشر الجنود من الجن والإنس والطير قرينة على عدم إرادة الملك من قوله: [ورث سليمان داود] (2)، فإن تلك الجنود لم تكن لداود حتى يرثها سليمان، بل كانت عطية مبتدأة من اله تعالى لسليمان عليه السلام، وقد أجرى الله تعالى على لسانه أخيرا الاعتراف بأن ما ذكره لا يبطل قول من حمل الآية على وراثة الملك والمال معا، فإنه يكفينا في إثبات المدعى، وسيأتي الكلام في الحديث الذي تمسك به.
الآية الثالثة: ما يدل على وراثة الأولاد والأقارب، كقوله تعالى: [للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا] (3)، وقوله تعالى: [يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين] (4)، وقد أجمعت الأمة على عمومها (5) إلا من أخرجه الدليل، فيجب أن يتمسك بعمومها إلا إذا قامت دلالة قاطعة، وقد قال سبحانه