إليه صلوات الله عليها من إعلان الله جل ثناؤه وإخباره بوقوع تلك الواقعة الهايلة قبل وقوعها، وإن الموت مما قد نزل بالماضين من أنبياء الله ورسله عليهم السلام تثبيتا للأمة على الايمان، وإزالة لتلك الخصلة الذميمة عن نفوسهم.
ويمكن أن يكون معنى الكلام أتقولون مات محمد صلى الله عليه وآله وبعد موته ليس لنا زاجر ولا مانع عما نريد، ولا نخاف أحدا في ترك الانقياد للأوامر وعدم الانزجار عن النواهي، ويكون الجواب ما يستفاد من حكاية قوله سبحانه:
[أفإن مات أو قتل..] (1) الآية، لكن لا يكون حينئذ لحديث إعلان الله سبحانه وإخباره بموت الرسول مدخل في الجواب إلا بتكلف.
ويحتمل أن يكون شبهتهم عدم تجويزهم الموت على النبي صلى الله عليه وآله كما أفصح عنه عمر بن الخطاب - وسيأتي في مطاعنه - فبعد تحقق موته عرض لهم شك في الايمان ووهن في الأعمال، فلذلك خذلوها وقعدوا عن نصرتها، وحينئذ مدخلية حديث الاعلان وما بعده في الجواب واضح.
وعلى التقادير لا يكون قولها صلوات الله عليها: فخطب جليل.. داخلا في الجواب، ولا مقولا لقول المخاطبين على الاستفهام التوبيخي، بل هو كلام مستأنف لبث الحزن والشكوى، بل يكون الجواب بما بعد قولها: فتلك والله النازلة الكبرى.. ويحتمل أن يكون مقولا لقولهم، فيكون حاصل شبهتهم أن موته صلى الله عليه وآله الذي هو أعظم الدواهي قد وقع، فلا يبالي بما وقع بعده من المحظورات، فلذلك لم ينهضوا بنصرها والانصاف ممن ظلمها، ولما تضمن ما زعموه كون مماته (ص) أعظم المصائب سلمت عليها السلام أولا في مقام جواب (2) تلك المقدمة، لكونها محض الحق، ثم نبهت على خطئهم في أنها مستلزمة لقلة المبالاة بما وقع، والقعود عن نصرة الحق، وعدم اتباع أوامره صلى