الله عليه وآله بقولها: أعلن بها كتاب الله.. إلى آخر الكلام، فيكون حاصل الجواب أن الله قد أعلمكم بها قبل الوقوع، وأخبركم بأنها سنة ماضية في السلف من أنبيائه، وحذركم الانقلاب على أعقابكم كي لا تتركوا العمل بلوازم الايمان بعد وقوعها، ولا تهنوا عن نصرة الحق وقمع الباطل، وفي تسليمها ما سلمته أولا دلالة على أن كونها أعظم المصائب مما يؤيد وجوب نصرتي، فإني أنا المصاب بها حقيقة، وإن شاركني فيها غيري، فمن نزلت به تلك النازلة الكبرى فهو بالرعاية أحق وأحرى.
ويحتمل أن يكون قولها عليها السلام: فخطب جليل.. من أجزاء الجواب، فتكون شبهتهم بعض الوجوه المذكورة، أو المركب من بعضها مع بعض، وحاصل الجواب حينئذ أنه إذا نزل بي مثل تلك النازلة الكبرى - وقد كان الله عز وجل أخبركم بها وأمركم أن لا ترتدوا بعدها على أعقابكم - فكان الواجب عليكم دفع الضيم عني والقيام بنصرتي، ولعل الأنسب بهذا الوجه ما في رواية ابن أبي طاهر من قولها: وتلك نازلة أعلن بها كتاب الله.. بالواو دون الفاء، ويحتمل أن لا تكون الشبهة العارضة للمخاطبين مقصورة على أحد الوجوه المذكورة، بل تكون الشبهة لبعضهم بعضها وللآخر (1) أخرى، ويكون كل مقدمة من مقدمات الجواب إشارة إلى دفع واحدة منها.
أقول: ويحتمل أن لا تكون هناك شبهة حقيقة، بل يكون الغرض أنه ليس لهم في ارتكاب تلك الأمور الشنيعة حجة ومتمسك، إلا أن يتمسك أحد بأمثال تلك الأمور الباطلة الواهية التي لا يخفى على أحد بطلانها، وهذا شائع في الاحتجاج.
أيها بني قيلة! أأهضم تراث أبي وأنتم بمرأى مني ومسمع، ومبتدأ ومجمع، تلبسكم الدعوة، وتشملكم الخبرة.. أيها - بفتح الهمزة والتنوين - بمعنى