تبيين: قوله عليه السلام: شقوا.
أقول: روى في نهج البلاغة (1) تلك الفقرات في موضع آخر يناسبها، حيث قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وخاطبه العباس وأبو سفيان بن حرب في أن يبايعا له بالخلافة، قال (2): أيها الناس! شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح.
وما هنا يحتمل أن يكون بصيغة الماضي، فيكون بيان حالهم أولا، أي:
انهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله ركبوا سفن النجاة وخرجوا من بين الفتن، فشبه الفتن بالأمواج، لاشتراكهما في اضطراب النفس بهما، وكونهما سبب الهلاك.
والحيازيم: جمع الحيزوم (3)، وهو: ما استدار بالظهر والبطن، أو ضلع الفؤاد، وما اكتنف الحلقوم من جانب الصدر، والغليظ من الأرض والمرتفع، ذكرها الفيروزآبادي (4)، ولعل المراد هنا صدر السفينة، فإنه يشق الماء، ولا يبعد أن يكون تصحيف المجاذيف جمع المجذاف (5): الذي به تحرك السفينة (6).
وكذا حط تيجان أهل الفخر كناية عن اتباع أهل الحق، وترك المفاخرة التي تدعو إلى ترك اتباع الحق.
وجمع أهل الغدر: مجمعهم، أي: تركوا المفاخرة الواقعة في مجامع (7) أهل