فأي بشر كان مثل آدم فيما سابقت به الاخبار، وعرفتنا كتبك في عطاياك؟
أسجدت له ملائكتك، وعرفته ما حجبت عنهم من علمك (1)، إذ تناهت (2) به قدرتك وتمت فيه مشيتك، دعاك بما أكننت فيه فأجبته إجابة القبول، فلما أذنت اللهم في انتقال محمد صلى الله عليه وآله من صلب آدم ألفت بينه وبين زوج خلقتها له سكنا، ووصلت لهما به سببا، فنقلته من بينهما إلى شيث اختيارا له بعلمك فإنه بشر كان اختصاصه برسالتك.
ثم نقلته إلى أنوش فكان خلف أبيه في قبول كرامتك واحتمال رسالاتك، ثم قدرت المنقول إليه قينان (3) وألحقته في الحظوة (4) بالسابقين، وفي المنحة بالباقين، ثم جعلت مهلائيل: رابع أجرامه قدرة تودعها من خلقك من تضرب (5) لهم بسهم النبوة وشرف الأبوة حتى إذا قبله برد (6) عن تقديرك تناهى به تدبيرك إلى أخنوخ، فكان أول من جعلت من الاجرام ناقلا للرسالة، وحاملا أعباء النبوة (7).
فتعاليت يا رب لقد لطف حلمك (8) وجل قدرتك (9 عن التفسير إلا بما دعوت إليه من الاقرار بربوبيتك، وأشهد أن الأعين لا تدركك، والأوهام لا تلحقك، والعقول لا تصفك، والمكان لا يسعك، وكيف يسع من كان قبل المكان ومن خلق المكان (10)؟